زيارات القبور وأضرحة المشايخ

بعض الناس عندنا يؤكدون أن زيارة قبور المشايخ حلالٌ وليس فيها شيءٌ من البدعة، وأقصد بقبور المشايخ الشيخ البدوي والإمام الحسين والعباس والسيدة زينب والشيخ عبد القادر الجيلاني وغيرهم، وليس هذا فحسب بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوتٍ جهوري ويعتذر عندما لا يرد السلام ويبين السبب الذي غالباً ما يكون اجتماعه مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والناس عندنا يصدقون ذلك وينساقون وراء زيارتهم والتبرك بهم، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور ويتبركون بأصحابها جزاكم الله خيراً.

الإجابة

الزيارة زيارتان، الزيارة بدعية والزيارة شرعية، أما زيارة القبور من لدعاء للميت والترحم عليه وذكر الآخرة فهذا شيء مشروع، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يزور البقيع ويدعوا لأهل البقيع -عليه الصلاة والسلام-، ويزور الشهداء ويدعوا لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار أو عموم المسلمين زيارة القبور للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور يتذكر الموت يتذكر الآخرة، ويحصل له بذلك اعداد للآخرة ونشاط في الخير والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين أو قبر البدوي أو قبر الست زينب أو غير ذلك للذكرى ذكر الآخرة والدعاء لهم والترحم عليهم فهذا من الزيارة الشرعية. أما الزيارة الثانية البدعية فهي التي تقع من أجل التبرك بالقبور والتمسح بقبره أو الطواف بقبره أو الاستغاثة به يقول: يا سيدي المدد المدد أو الشفاعة الشفاعة، أو الغوث الغوث، هذه هي زيارة بدعية منكرة، بل شركية، إذا كان فيها دعاء أو استغاثة صار شركاً أكبر، وهذا دين المشركين دين أبي جهل وأشباهه مع اللات والعزى ومناة يدعونهم ويستغيثون بهم هذا هو الشرك الأكبر، الذين يزرون الحسين الذي يدعوه مع الله أو يستغيث به، الذي ينذر له، الذي يطلب المدد أو البدوي أو العباس أو زينب أو غير ذلك فهذا كله شركٌ أكبر. والذي يسمع من الصوت ليس صوت الحسين ولا صوت البدوي ولا غيره ولكنهم الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، فيسمعون أصواتا من الذين يدعون إلى الشر، شياطين الجن التي تدعوا إلى الشرك بالله وعبادة غير الله، فرد السلام من الميت ليس معنى أنه يسمع مشيراً به خلاف بين أهل العلم منهم أثبت رده ولكنه شيءٌ لا يسمع، ومنهم من ....... ذلك، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)، والناس لا يسمعون رد السلام منه -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث الآخر: (إن لله ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام عليه الصلاة والسلام، وهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه، وهكذا الميت، يأتي في بعض الروايات أن العبد إذا زار ميتاً كان يعرفه في الدنيا وسلم عليه رد عليه السلام، ليس معنى هذا أنه يسمع صوته وإنما الروح ترد السلام، والجسد قد فني، أتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى وإنما هي الأرواح، ورد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضاً لا يجيب دعاءه والاستغاثة به، فإذا رد السلام أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكمٌ شرعي، وإنما الحكم يتعلق بدعائك الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، أو طلبه المدد أو العون أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام، حتى ولو قدرنا أنك سمعت رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله ولا أن تستغيث به، ولا أنت تنذر له، ولا أن تطلب المدد والعون كل هذا عبادة لغير الله، من الأموات أو من الأصنام أو الأشجار أو الأحجار كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين فالواجب الحذر من ذلك، وهكذا التبرك بالقبور بترابها وأحجارها وشمسها لا يجوز، وإذا أراد بهذا طلب البركة منهم وأنهم يعطونه بركة ويمدونه بالبركة صار هذا نوعٌ من عبادته من دون الله، ونوع من طلب البركة بالفعل فلا يجوز ذلك، وإنما الزيارة لذكر الآخرة والترحم على الميت، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، فالمؤمن يزور هذه ليذكر الآخرة وليدعوا لهم، هم في حاجة إلى الدعاء يدعوا لهم يترحم عليهم يسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعفو، هكذا الزيارة الشرعية، فيجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض الإسلام ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله - عز وجل -، ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم ويبصروه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، ويقول عند زيارة أهل البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، يدعوا لهم ويترحم عليهم هذه الزيارة الشرعية، فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية، وأن يحذر من الزيارات البدعية والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور والله المستعان.