توضيح اشتراط (إظهار الدين) للإقامة في دار الكفر

السؤال: ما معنى اشتراط (إظهار الدين) للإقامة في دار الكفر؟

الإجابة

الإجابة: قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي في حديثه عن أهم المنكرات:

ومنها السفر إلى بلاد المشركين، والإقامة فيها: وذلك من كبائر الذنوب لما ورد من الوعيد على ذلك كما في حديث سمرة رضي الله عنه: "مَنْ جَامَعَ المُشْرِكَ وسَكَنَ معه فإنَّه مِثْلُه" (1)، والحكم قد أنيط وعلق بالمشتق وهو المساكنة والمجامعة، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلّية كما هو معروف في الأصول، وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا بريءٌ من كُلِّ مسلمٍ يُقِيمُ بين المشركين، لا تَرَاءَى نَارَاهُما" (2)؛ وذلك لما يخاف في القدوم على المشركين من المخاطرة بالدين، ولا يجوز السفر إلا بشروط قررها العلماء رحمهم الله تعالى أخذاً من النصوص؛ وهي:

1 - أن يقدر على إظهار دينه والإعلان به، وذلك يستلزم أن يكون عارفاً بدينه بأدلته وبراهينه المتواترة في الكتاب والسنة، حتى يتأتى منه الإظهار لدينه، ولا يكفي في إظهار الدين فعل الصلوات فقط؛ بل لابد من تكفير المشركين وعيب دينهم، والطعن عليهم، والبراءة منهم، والتحفظ من موادتهم والركون إليهم، واعتزالهم.
2 - أن يأمن من الفتنة في دينه؛ فإن خاف بإظهار دينه الفتنة بقهرهم وسلطانهم، أو بشبهات زخرفهم وأقوالهم، لم يبح له القدوم إليهم والمخاطرة بدينه.
3 - أن لا يوالي المشركين؛ بأن يداهنهم أو يلين الكلام لهم. والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب، ويمثل العلماء لذلك برفع السوط لهم، وبري القلم، وبلّ الدواة وما أشبه ذلك؛ كإظهار البشر والبشاشة.

أما التولي فهو كفر يخرج من الملة، وذلك يكون بمحبتهم أو إعانتهم بالنصرة أو بالمال أو بالبدن أو بالرأي، أو أظهر الموافقة لهم على دينهم خوفاً منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، ويستثنى من ذلك المكره وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر وإلا قتلناك أو فعلنا بك كذا، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان، كما قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ} [النّحل: 106]، وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً أو طمعاً؟! وأدلة ذلك كثيرة في الكتاب والسنة (3).



موقع الآلوكة.
(1) أبو داود (2787) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود) برقم (2420).
(2) أبو داود (2645)، والترمذي (1604، 1605)، والطبراني في (الكبير) 2/303 (2264) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، ورواه النسائي (4780) مرسلاً، وهو الصحيح كما قال البخاري والترمذي. انظر: (المغني عن حمل الأسفار) (1790). وحسنه الألباني في (الصحيحة) (2/228)، بطرقه.
(3) انظر: (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (7/ 57، 58، 145، 154، 196، 201).