تفسير قوله (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ )

قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف:50] هذه الآية توضح لنا أن الله عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم ولم يسجد إبليس ، فكيف يؤاخذه الله - سبحانه وتعالى - على أمر لم يدخل إبليس في نطاقه لأنه ليس من الملائكة، ما دام إبليس من الجن وليس من الملائكة، فكيف يشمله أمر السجود؟

الإجابة

العلماء لهم في هذا قولان: أحدهما: أنه من الملائكة، من طائفة يقال لهم الجن من الملائكة، ولهذا شمله الأمر، وحكم الله عليه بالبعد واللعنة لأنه عصى الأمر. والأمر الثاني: أنه كان معهم ، يتعبد معهم، وأنه خلق معهم ، وأمر معهم بأن يسجد ؛ لأنه كان معهم وقد صحبهم بالعبادة ، فلهذا ورد عليه الأمر معهم فعصى فعاقبه الله باللعنة والطرد بسبب عصيانه للأوامر الموجهة إليه، وإن كان ليس منهم عنصراً فهو منهم في العمل، فقد وجه إليه الخطاب والأمر معهم فعصى واستكبر ، فلهذا أصابته العقوبة ، وحلت عليه اللعنة، إما لكونه منهم ، وهم طائفة يقال لهم الجن، أو لأنه صار معهم وتلبس بأعمالهم وصاحبهم في أعمالهم وصدر الأمر إليه وإليهم جميعاً ، فلما وجه إليه الأمر معهم صار مستحقاً للعنة لعصيانه واستكباره ، وهذا أمر واضح ، والقولان مشهوران للعلماء، أحدهما أنه منهم، فلا إشكال في ذلك، والثاني أنه أبو الجن أو الجن المعروفين من الثقل الثاني ، وهو كآدم للإنس ، ولكنه صار مع الملائكة حين الأمر ، ووجه إليه الأمر معهم فصار مأموراً كما أنهم مأمورون ، فلهذا استحق اللعنة والطرد لاستكباره وعصيانه.