عندنا عادة تصوير حفل الزواج وتوزيع الصور على الأقارب

السؤال: مما اصطلح عليه الناس هذه العادة التي عهدناها من قريب أن حفل الزفاف يترتب من زف الزوج مع الزوجة وتلقط لهم صور عديدة، ويصور أهل الزوج والزوجة وتقسم هذه الصور على الأقارب والأصدقاء بنية التكريم، وهذه العادة لا يصح الزفاف إلا بها، ونادراً ما تجد في المائة واحداً أو لا تجد، مع أن العقل السليم يُنكر هذه العادة، فما هو رأي الدين?

الإجابة

الإجابة: ما ذكرته من تصوير الزوج والزوجة وأسرتيهما في حفل الزفاف محرم، وهو من عادات الزفاف السيئة؛ وذلك لأن تصوير ذوات الأرواح حرام مطلقاً ومن كبائر الذنوب، والأصل في تصوير كل ما فيه روح من الإنسان وسائر الحيوانات أنه حرام سواء كانت الصورة مجسمة أم رسوماً على ورق أو قماش أو جدران ونحوها أم كانت صوراً شمسية؛ لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك ولعن فاعله وتوعده بالعذاب الأليم؛ ولأنها عُهد في جنسها أنه ذريعة إلى الشرك بالله بالمثول أمامها والخضوع لها والتقرب إليها وإعظامها إعظاماً لا يليق إلا بالله تعالى، ولما فيها من مضاهاة خلق الله، ولما في بعضها من الفتن كصور الممثلات والنساء العاريات ومن يسمين ملكات الجمال وأشباه ذلك.

ومن الأحاديث التي وردت في تحريمها ودلت على أنها من الكبائر حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم" (رواه البخاري ومسلم)، وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" (رواه البخاري ومسلم)، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة" (رواه البخاري ومسلم)، وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه، وقال: "يا عائشة، أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين (رواه البخاري ومسلم)، والقرام: الستر، والسهوة: الطاق النافذة في الحائط.

وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيام وليس بنافخ" (رواه البخاري ومسلم)، وحديثه أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه في جهنم"، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فإن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا روح فيه" (رواه البخاري ومسلم)، وحديث أبي جحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور" (رواه الإمام البخاري في صحيحه)، فدل عموم هذه الأحاديث على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقاً, أما ما لا روح فيه من الشجر والبحار والجبال ونحوها فيجوز تصويرها كما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما, ولم يعرف من الصحابة من أنكره عليه, ولما فهم من قوله في أحاديث الوعيد: "أحيوا ما خلقتم"، وقوله فيهما: "كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ".

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.



مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الرابع عشر (العقيدة).