حكم الإفطار في نهار رمضان من غير عذر

السؤال: سؤالي قد يستنكره البعضُ لكنني ندمت على فعلي، إن ما قمت به هو الإفطار في رمضان أنا وزوجتي بدون عذر في بداية زواجنا، ولكني وزوجتي الآن تبنا إلى الله، ولا نعرف ماذا نفعل، لقد ندِمنا على ما فاتنا ونسأل الله الغفران. وسؤالي هنا هل علينا قضاء ما فاتنا أم نكفر عنه؟ وما هي الكفارة إن وجدت؟ وجزاكم الله كلَّ الخير، وأثابكم خير الثواب.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فالحمد لله الذي منَّ عليك وعلى زوجتك بالتوبة ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، واعلم: أن مَن أفطر يومًا في رمضان عمدًا، فقدِ ارتكبَ إثما عظيمًا، ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فالصيام رُكن من أركان الإسلام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُني الإسلام على خمس" ثم ذكر منها الصيام، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] إلى أن قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].

قال الإمام الذهَبِي في كتاب (الكبائر): "وعند المؤمنين مقرَّر أنَّ من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض أنه شرٌّ من الزاني ومدْمِن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنّون به الزندقة والانحلال" اه.

وقد دلت السنة المشرفة على الوعيد الشديد لمن ترك الصوم فعن أبي أمامة الباهليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائمٌ إذْ أتاني رجُلانِ فأخذا بِضبْعيَّ -الضَّبْع هو العضُد- فأتيا بي جبلاً وعِرًا، فقالا: اصعَدْ فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك، فصعِدْتُ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصواتٍ شديدةٍ، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشقَّقة أشداقُهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفْطِرون قبل تَحِلَّة صومهم" (رواه ابن خزيمة وابن حبان) في صحيحيهما، وصحَّحه الألبانيُّ، وقوله "قبل تحلة صومهم" معناه: يُفطرون قبل وقت الإفطار.

والواجب على من فعل ذلك أن يتوبَ إلى الله سبحانه وتعالى توبةً نصوحًا، ويندمَ على ما فات، ويعزِم على عدم العود، وأن يقضيَ الأيام التي أفطرها.

فإن كان الإفطارُ عاريًا عن الجماع، فلا تَجِبُ عليك الكفَّارة ؛ لأن الأصلَ عدم الكفارة، إلا فيما ورد به الشرع وهو تعمد الجماع في نهار رمضان.

وأما إن كان وقع جِماع أثناء الإفطار في الأيام التي أفطرتَها فتجب كفَّارة عن كل يوم عليك وعلي زوجتك إن كانت مطاوعة لك عالمة بالتحريم، وأما إذا كانت مكرَهَةً، أو جاهلةً بتحريمه فليس عليها كفَّارة عند كثير من أهل العلم.

وكفَّارة الجماع عِتقُ رقبة، فإن لم تجد -كما هو الغالب في هذه الأيام- فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطعْ فإطعام ستين مسكيناً مما تَطْعَمُه -أي من طعام أهل البلد- لما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلَكْتُ، قال: "ما لك؟" قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: "هل تجد رقبة تعتقها؟" قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟" قال: لا، فقال: "فهل تجِدُ إطعامَ ستّينَ مسكينًا؟" قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أُتي النبيُّ صلى الله عليه بِعَرَق فيه تمر -والعَرَقُ: المكتل- فقال: "أين السائل؟" فقال: أنا، فقال: "خذه فتصدَّق به"... إلى آخر الحديث" واللفظ للبخاري،، والله أعلم.



موقع الألوكة