الطلاق بالثلاث تهديدا والندم على ذلك

رجل غضب غضباً شديداً وقال لزوجته: أنت طالقٌ ثلاث مرات في مجلس واحد، وبعد ذلك ندم على فعله وقال: ما كنت أريد الطلاق وإنما قصدي التهديد، فهل له أن يراجعها بعد ذلك أم لا؟

الإجابة

هذا إذا كان عقله معه ضابطاً لنفسه ولم يقصد إلا التهديد فمعناه أن غضبه ليس بمستغرق فيقع عليه الطلاق يقع عليه في هذه الحالة، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق يقع طلاق الثلاث في هذه الحال، إذا كان غضبه ليس بالشديد جداً بحيث يعقل ما يقول ويفهم ما يقول بل قصد تخويفها وتهديدها على ما قال ولم يغلب عليه الغضب هذا يقع، أما إذا كان اشتد معه الغضب وصار كالمكره الذي غلق عليه قصده، ولم يستطع ملك نفسه بسبب شدة النزاع الذي جرى بينهما، والمسابة والمشاتمة بينها وبينه، أو كونها عيرته بأشياء أوجبت شدة غضبه، أو ما أشبه ذلك مما يدل على صحة الدعوى، فإن الحادث يفهم منه صدق المدعي وعدمه، فإذا كان الحادث منازعات شديدة أو مضاربة أو مسابة أو ما أشبه ذلك مما يدل على شدة الغضب وصدقه في شدة الغضب فإن الطلاق لا يقع على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو القول بأن شدة الغضب تمنع وقوع الطلاق، وهو مرتبة ثانية من المراتب الثلاث، فإن الغضب له ثلاثة مراتب: إحداها أن يكون مزيلاً لعقله قد زال عقله بسبب شدة الغضب، حتى صار كالمجنون فلا يقع طلاقه عند الجميع، المرتبة الثانية: يكون اشتد معه الغضب وغلب عليه وأفقده ضبط نفسه حتى صار كالمعتوه من شدة الغضب فهذا أيضاً لا يقع طلاقه على الصحيح، والحالة الثالثة: الغضب العادي الذي لا يفقده شعوره، ولا يكون غلب عليه غضبه، ولا أغلق عليه قصده، بل هو غضب عادي لا شدة فيه، فهذا لا يمنع وقوع الطلاق بل يقع معه الطلاق. ولكن ينظر في حال المرأة أيضاً إذا كانت حائضاً في حال حيض أو نفاس أو طهر جامعها فيه فإنه لا يقع الطلاق أيضاً على الصحيح، لأنه يكون طلاقاً بدعياً، فإن الطلاق الشرعي هو الذي يكون في طهر لم يجامعها فيه أو في حال ظهور الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي الواقع، أما إذا كان في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن القول المختار أنه لا يقع، وإن كان خلاف قول الجمهور لكنه هو الأرجح من جهة الدليل؛ لأنه حينئذ طلق لغير العدة والله يقول: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1] والعدة فصلها أهل العلم بأن تكون طاهراً من غير جماع ولا حمل، هذه العدة التي تطلق لها النساء تكون طاهراً أو حاملاً، فإذا طلقها طاهراً أو حاملاً ولم يجامعها في حالة طهر وهي ........ فإن الطلاق شرعي. أما إذا طلقها في حال حيض، أو حال نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها، فإنه يكون طلاقاً بدعياً مخالفاً لقوله -تعالى-: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1]، وما خالف أمر الله لا يقع لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). فالحاصل أن هذا السائل يحتاج إلى أن يتصل بأهل العلم هو وزوجته ووليها حتى ينظر في أمره، وفي شدة غضبه، وإذا كان في الرياض أو في غير الرياض وأحب أن يتصل بي لننظر في موضوعه فلا بأس.