حديث أنا والأنس والجن في نبأ عظيم

قرأت حديثاً قيل إنه قدسي، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا والإنس والجن في نبأ عظيم! أخلق ويُعبد غيري، وأرزق ويُشكر غيري)، إذا كان هذا الحديث صحيحاً فاشرحوه لنا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

هذا الحديث ليس بصحيح وإنما هو من أخبار بني إسرائيل التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ولكن معناه صحيح، فإن أكثر الخلق كفروا نعم الله، ولم يعبدوه وحده، بل عبدوا الشياطين وعبدوا الهوى، وعبدوا الأصنام والقبور غير ذلك، فالمعنى صحيح يقول جل وعلا فيما يروى في هذا الأثر القدسي: (إني والجن والإنس في نبأ عظيم!) صحيح خبر عظيم، نبأ عظيم، (أخلق ويعبد غير) هو الخلاق جل وعلا لجميع الخلق، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (62) سورة الزمر، وهو سبحانه الخلاق العليم، وهو القائل سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات. (وأرزق ويشكر سواي) يعني يُشكر في الغالب غير الله، يشكر زيد وعمرو وينسى الله، هذا حال الأكثرين، وتمام الأثر (خيري إليهم نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلي بالمعاصي) وهذا واقع من أكثر الخلق، فالواجب على المؤمن العاقل المكلف الواجب عليه أن يعبد الله وحده، ويشكره على نعمه بطاعته، يشكره ويثني عليه سبحانه، وأعظم الشكر طاعة الأوامر وترك النواهي، مع الثناء على الله جل وعلا، هو القائل سبحانه وتعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي.. (152) سورة البقرة ) وهو القائل جل وعلا: ..لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ.. (7) سورة إبراهيم. فالواجب على جميع العباد من الجن والإنس من الرجال والنساء، أن يعبدوا الله وحده، بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم، وغير هذا من العبادات كل هذا لله وحده، وأن يشكروه على إنعامه بالصحة والمال والزوجة والذرية وغير ذلك، وهكذا المرأة تشرك الله على زوجها، وعلى ذريتها، وعلى صحتها، وعلى وما أعطاها من المعافاة، وهكذا على جميع الجن والإنس عليهم الشكر لله، والطاعة لله وعبادته سبحانه وتعالى، خلقوا لهذا الأمر، الله ما خلقهم عبثاً ولا سدى خلقهم ليعبدوه وأمرهم بهذا، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ) (21) سورة البقرة، وقال عز وجل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) (23) سورة الإسراء. يعني أمر، فالواجب على الجميع أن يعبدوا لله وحده بالصلاة والصوم والدعاء والاستغاثة به سبحانه والحلف به جل وعلا، وغير هذا من العبادات كلها لله وحده سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء.. (5) سورة البينة. فعلى العبد رجلاً كان أو أنثى على جميع العباد الرجال والنساء العرب والعجم الجن والإنس والملوك وغيرهم عليهم جميعاً أن يعبدوا الله، وأن يتقوه، ويطيعوا أوامره في صلاتهم وصومهم وغير ذلك، وينتهوا عن نواهيه فلا يعصوه جل وعلا، وعليهم أن يشكروا نعمه ويصلوها بطاعته، ومن شكرها طاعتهم لله، وتركهم معاصيه، هذا من شكر النعم، نعمة الصحة نعمة الأمن نعمة المال نعمة الذرية، نعمة التجارة،، إلى غير هذا، هذا الواجب على جميع الثقلين: أن يعبدوا الله وحده بصلاتهم وصومهم ودعائهم وغير ذلك، وأن يتبرؤوا من عبادة ما سواه، وأن يشكروه في جميع إنعامه، يشكروه على جميع إنعامه بطاعة الأوامر وترك النواهي، والثناء على الله، يحمده سبحانه ويثني عليه، بأن الكريم بأنه الجواد بأنه المحسن، ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه، ويقف عند حدوده، ويسارع إلى مراضيه، ويبتعد عن معاصيه، هكذا المؤمن وهكذا المؤمنة, وهذا هو الواجب على الجميع، وهذا هو الشكر الذي أمر الله به. وفق الله الجميع.