الإجابة:
العمل الصالح له أثر حسن على النفس، ولهذا سميت "الحسنات" لأنها حسنة
في ذاتها، ولأنها حسنة في ثمارها على النفس والمجتمع. والعمل الصالح
يعقب في النفس الشعور بحلاوة الإيمان كما صح في الحديث، ويثمر انشراحا
في الصدر كما قال تعالى {أفمن شرح الله
صدره للإسلام فهو على نور من ربه}. كما يعقب اطمئنانًا في
القلب كما قال تعالى {الذين
آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن
القلوب}
وهذا كله يظهر على صورة الرضا النفساني بعد العبادات، وهذه علامة
طيبة جدا، وهي التي قصدها العلماء الذين قالوا "إنا في سعادة لو
يعلمها الملوك لقاتلونا عليها"؛ فهي سعادة المؤمن في الدنيا، وهي
المقصودة بقوله تعالى {فآتاهم الله
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة }وهي التي قصدها شيخ الإسلام
عندما قال ( أنا جَنّتي في صدري ).
ولكن يجب أن نفرق بين هذا الذي هو أثر العبادة الحسن على النفس
الإنسانية -لأنها رجعت إلى ربها وعبدته فشعرت بسكينة اللجوء إلى
خالقها وحلاوة القيام بواجبها تجاهه- وبين أن يقول العبد أن الله راضٍ
عنه بسبب ما قام به؛ بل يجب أن يبقى خائفا، لا يأمن مكر الله، راجيًا
رحمته، وراهبا عقوبته، متعلقًا بالله أن يثبت قلبه، ويحسن خاتمته.
وأظن السائلة اختلط عليه الفرح الذي يأتي به العمل الصالح؛ وهو نتيجة
تلقائية للأعمال الصالحة، وعلامة حسنة ونعمة عظيمة، كما في الحديث
"إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت
مؤمن"، فظنت أن هذا يقتضي أن يقول العبد في نفسه "أن الله راض
عني"، كلا فلا يجوز لمسلم أن يأمن على نفسه من زيغان القلب، وتسليط
الشيطان، وتغير الحال. بل يشكر الله على ثمرة العمل الصالح وحلاوة
الإيمان، و يقول كما قال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:{ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}.
سائلا ربه دائما حسن الخاتمة؛ فإن الأعمال بالخواتيم. وحتى لا يغتر
الإنسان بعمله، عليه أن يكثر الاستغفار بعد العمل الصالح، كما كان
نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وأن يعلم أنه مهما عمل من
الصالحات فهي زينة ألبسه الله إياها، ونعمة أنزلها الله عليه، وفضل
أوصله الله إليه، ليس له منة فيه، بل المنة كلها لربه، {الذي قال ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها
وتقوها}.
والله أعلم.