الذكر الجماعي عقب الصلوات

رأيت في أحد المساجد في بعض البلدان الإسلامية عندما ينتهون من كل صلاة فريضة يسبحون الله بشكل جماعي، أي يقول الإمام: سبحان الله؛ فيقول المأمومون: سبحان الله، إلى أن ينتهوا إلى ثلاث وثلاثين، ويقول الإمام: الحمد لله؛ فيقول المأمومون مثل قوله، وهكذا، أفيدونا عن حكم مثل هذا العمل؟ جزاكم الله خيراً

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا العمل الذي ذكر السائل هو أما الإمام والمأمومين يسبحون ويحمدون ويكبرون في صفة جماعية بعد كل صلاة هذا لا أصل له وليس من السنن المشروعة، بل هو من البدع ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - رغب أن يسبحوا ويحمدوا ويكبروا ثلاثة وثلاثين بعد كل صلاة ولم يكن يفعل ذلك معهم في بصفة جماعية، بل يذكر الله في نفسه وكل واحد من الجماعة يذكر الله في نفسه هذا هو المشروع فكل واحد يشتغل في نفسه، فالإمام في نفسه وكل واحد من الجماعة كذلك، فيقول بعد السلام: استغقر الله ، استغفر الله ، استغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، هذه السنه لما ثبت عن ثوبان - رضي الله عنه - مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ) ، وثبت عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أنه كان إذ فرغ من قول ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام. فهذا يدل على الإمام أن يأتي بهذا قبل أن ينصرف حال كونه مستقبل القبله ثم ينصرف إلى الناس فيقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد قال: يحي ويميت. فكل هذا ورد عن الرسول ويقول أيضاً: (لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد). هذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضه من حديث المغيرة بن شعبه وبعضه من حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عن الجميع-. وقال عليه الصلاة والسلام: (من سبح الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعاً وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر). أخرجه مسلم في صحيحه. هذا يدل على شرعية هذا الذكر، وأن كل واحد يقوله بنفسه، ما يحتاج إلى أن يكون معه غيره، فأداء ذلك بصفة جماعية من الجماعة أو من الجماعة مع الإمام كل ذلك لا أصل له، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). يعني فهو مردود. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). متفق على صحته. فنصيحتي لمن يفعل هذا أن يدع ذلك، وأن يسبح الله في نفسه مستقلاً من دون مشاركة غيره، وفق الله الجميع للتوفيق واتباع السنة.