حكم تقريب القرابين والنذور للقبور وحكم الصلاة في مسجد به قبور

في مدينة دنجلا مسجد كبير وبه ضريحان لشخصين يعتقد الناس أنهم من الصالحين، وهذه الأضرحة تزار وتقدم له القربان والمقابر من جهة القبلة، ويفصل بينها وبين المصلين حائط المصلى فقط، السؤال: هل يجوز لي أن أصلي في هذا المسجد لتبليغ الدين، علماً بأن المسجد يجمع أناساً كثيرين من مناطق مختلفة، وإذا صليت ما حكم صلاتي، هل أعيدها أم ماذا أفعل؟

الإجابة

بناء المساجد على القبور، منكر عظيم، كونه من وسائل الشرك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فلا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها ولا جعلها مصلى، فالمسجد الذي فيه قبر أو أكثر لا يصلى فيه، والصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول نهى عنها ولعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، وقال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم في الصحيح: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد وقال إنه ينهى عنها، ولعن من فعل هذا، وذمه، فلا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد التي فيها القبور، بل يجب نبشها من قبل الدولة، وعلى أهل الحل والعقد أن ينبشوها ويجعلوها في مقابر المسلمين، تبقى المساجد ليس فيها قبور، على الدولة إذا كانت تدين بالإسلام أن تنبش هذه القبور التي في المساجد، وأن تجعلها مع المسلمين في قبورهم، حتى تخلو المساجد من القبور، هذا إن كانت القبور بعد المسجد، أما إن كان المسجد بني عليها وهي قديمة، فالواجب أن يهدم المسجد، ولا يصلى فيه، وليتلمس أهل الحي أرضاً أخرى ليس فيها قبور، فيعمر بها مسجداً ويصلون فيه، أما المسجد الذي بني على القبور الواجب هدمه، لأنه أسس على معصية الله، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، والخلاصة أن القبر إن كان جديداً والمسجد هو الأسبق وجب نبش القبر ونقل الرفات إلى المقابر الأخرى، يوضع في حفرة يسوى ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين، ثلاثة كلها تنقل، كل رفات قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، ويجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن، ويبقى المسجد خالياً يصلى فيه، أما إن كانت القبور هي الأصل، والمسجد هو الحادث بني عليها، فإنه يهدم، لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم، ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعملاً بما دلت عليه النصوص وتحذيراً للمسلمين من الشرك، وقطعاً لوسائله، لأن وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك والغلو فيها، ومن وسائلها دعائها والاستغاثة والنذر لها، والطواف بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك، أما إن كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه وليس في داخله فالصلاة صحيحة، لكن لو تيسر إبعاده في المقابر، يكون أولى، حتى لا يغلو فيه أحد، إذا كان خارج المسجد، خارج بناء المسجد، عن يمين أو شمال أو أمام أو خلف فالأولى والأفضل أن ينقل لا يبقى القبر عند المسجد لئلا يغلى فيه، وينقل إلى المقابر العامة ولكن الصلاة فيه صحيحة لأن المسجد سليم من القبور، ليس بداخله قبور، ونسأل الله أن يوفق ولاة أمور المسلمين لتطهير بلادهم من أثر الشرك ووسائله، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وبطانتهم وأن يوفق العلماء للقيام بما يجب من النصيحة لولاة الأمور وإرشادهم إلى الخير وإعانتهم عليه، فإن واجب العلماء عظيم في كل مكان، في السودان وغير السودان، واجب العلماء عظيم، يجب عليهم أن يرشدوا الناس، إلى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أمر منكر، بل شرك أكبر، وأنه لا يجوز النذر للقبور، ولا الطواف بها ولا دعاء أهلها والاستغاثة بهم ولا أن يطلب منهم المدد، هذا منكر عظيم وشرك أكبر، فالواجب على أهل العلم في السودان، وفي مصر وفي الشام وفي الأردن وفي كل مكان وفي هذه الجزيرة كلها، في اليمن وفي هذه الجزيرة وفي الخليج في كل مكان، الواجب على العلماء أن يبنوا أمر الله ويرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، وأن ينكروا عليهم المنكرات حتى يعرف الناس المنكر وحتى يحذروه فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وعليهم واجب عظيم، وهو واجب الدعوة والبلاغ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل بلد، وفي كل دولة، وعلى العلماء إذا كانت دولة كافرة أن يرفعوا إليها ويبينوا لها أن هذا الأمر كذا وكذا حتى تسمح لهم بعمل ما شرعه الله لأنه لا بد من قوة تعين على إزالة المنكر، لأن العامة الجهلة قد يعترضون على أهل العلم، فلا بد من الاستعانة بالله ثم بالدولة حتى تعينهم على هدم المساجد التي بنيت على القبور، وحتى تعينهم على نقل القبور التي وضعت في المساجد، ينقل رفاتها إلى المقابر العامة، وليس لأحد أن يفعل ما يحصل به التشويش، بل عليه أن يستأذن من ولاة الأمور حتى تجري الأمور على طريقة حسنة مضبوطة من جهة ولاة الأمور، وإذا كان ولي الأمر قد جعل الأمر لأمير البلد وعلماء البلد قاموا بالواجب، العلماء يرفعون لأمير البلد وأمير البلد ينفذ ويتعاون الجميع على البر والتقوى، كما قال الله سبحانه: وتعاونوا على البر والتقوى، ولا يجوز للعالم السكوت عن هذا الأمر العظيم والأمر الكبير، ويجب على أنصار السنة في مصر والشام والسودان وفي كل مكان وعلى العلماء جميعاً في كل مكان، أن يبينوا للناس أمر الله، وأن يشرحوا حقيقة الدين وأن يوضحوا لهم أنواع الشرك الأكبر، والأصغر، وسائر المعاصي حتى يجتنبوها وحتى يحذروها، والواجب على العلماء أن ينكروا على الناس دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات والذبح لهم، وجعل صناديق للنذور، فهذا منكر عظيم وشر وخيم، يجب أن ينكر، يجب على العلماء أن ينكروه في غاية النشاط وبالأساليب الحسنة التي يحصل بها إنكار المنكر، ولا يحصل بها التشويش مع ولاة الأمور، بل يتصل مع ولاة الأمور ويخبرونهم بما يجب حتى تتفق الكلمة مع ولاة الأمور في إنكار المنكر، والقضاء على أسباب الشر والفساد والشرك، فالعلماء واجبهم عظيم، وهم مسؤولون أمام الله يوم القيامة، مسؤولون عما قصروا فيه، وعما لم يقوموا به من الواجب، هم ورثة الرسل، هم خلفاؤهم يقول الله سبحانه: فوربك لنسألنهم أجمعين، عما كانوا يعملون، ولا سيما فيما يتعلق بالعقيدة فيما يتعلق بالشرك والتوحيد، فإنه أعظم من غيره، فأصل الدين وأساس الملة عبادة الله وحده وهو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه: وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وقال سبحانه في سورة الحج: ذلك بأن الله هو الحق وأنما يدعون من دونه هو الباطل، فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم وطلبهم المدد هذا من الشرك الأكبر، سواء كانوا أنبياء وصالحين أو غيرهم هذا حق الله، العبادة حق الله وحده، لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، فالأموات قد انقطعت أعمالهم إلا مما شرع الله بصدقة جارية أو علم ينفع به، أو ولد صالح يدعو لأبيه وأمه، المقصود أنهم لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم مدد ولو كانوا عظماء في الدين كالعلماء والرسل لا يجوز، هذا أبداً، فدين الله سبحانه إخلاص العبادة لله وحده، قال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، إياك نعبد وإياك نستعين، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، هكذا يقول سبحانه، ويقول عز وجل: فادعوا الله مخلصين له الدين، فاعبد الله مخلصاً له الدين، أما الحي القادر لا بأس أن يستعان به، الحي القادر، تقول لأخيك أعني على كذا، ليسمع كلامك أو من طريق الهاتف أو من طريق الكتابة، تقول يا أخي ساعدني على كذا، أعني على مزرعتي، على إصلاح سيارتي، اشتر لي كذا، لا بأس التعاون بين الأحياء، أما دعاء الأموات ودعاء الغائبين يعتقد أن لهم سراً يسمعون الغائبون بدون واسطة، هذا شرك أكبر، أو دعاء الجن أو دعاء الملائكة أو الاستغاثة بهم، هذا من الشرك الأكبر، الذي بعث الله الرسل بإنكاره، والنهي عنه والتحذير منه، وهو مصادم لقوله عز وجل: إياك نعبد وإياك نستعين،ولقوله سبحانه: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور من الأمراء والعلماء، لكل ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم هداة مهتدين وإيانا وسائر إخواننا ولا حول ولا قوة إلا بالله.