الإجابة:
ممكن جدا ، كما يحب الرجل أباه الحب الفطري ، حب الشفقة والرحم وإن
كان كافرا ، وكما يحب الاب ابنه وإن كان كافرا ، حب الشفقة والحنو
، كما حدث لنوح عليه السلام فهذا الحب الفطري ليس هو الحب الديني الذي
يترتب عليه الولاء ، اي النصرة والموافقة ، ولهذا إذا تعارض هذا الحب
مع حب الله واتباع أمره ، يؤثر المؤمن حب الله تعالى على محابه
الفطرية ، وهو مثل حب الانسان لوطنه ،كماقال الشاعر :
وحبب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالك
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهود الصبا فحنوا لذلك
فالأرض التي يعيش عليها الإنسان يحبها بالفطرة ، ثم إذا أمر بالهجرة
لله يهاجر إلى الله لأن الله تعالى أحب إليه من حبه لأرضه إذا لم يقدر
أن يعبد الله فيها ، كذلك قد يحب الرجل زوجته إن كانت يهودية أو
نصرانية حبا فطريا فيكون بينهما المودة والألفة التي فطرا عليها ،
ولكن مع ذلك المؤمن يبغض دينها ، ويقدم محبة الله تعالى واتباع دينه
على كل محابه الفطرية ، وهذا إنما يستقيم إذا علمنا أن معنى البراءة
ليس هو المقاطعة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم عامل غير المسلمين
بالحسنى وأهداهم وقبل هداياهم ، وأجاب دعوتهم ، وعاد مرضاهم ، وأمر
الصحابة بوصل أقاربهم الكفار ، فالبراءة من الكافر لاتستلزم قطع
التعامل معه ، كما أن الإحسان إليه والشفقة عليه إن كان أهلا لذلك ،
لاتعني موالاته ، كما قال تعالى { لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب
المقسطين } ، والبر يدخل فيه كل وجوه الإحسان والله أعلم