واجب المسلم تجاه غير المسلم

ما هو الواجب على المسلم تجاه غير المسلم، سواء كان ذمياً في بلاد المسلمين أو كان في بلاده، والمسلم يسكن في بلاد ذلك الشخص غير المسلم، والواجب الذي أريد توضيحه هو المعاملات بكل أنواعها، ابتداءً من إلقاء السلام وانتهاءً بالاحتفال مع غير المسلم في أعياده، وهل يجوز اتخاذه صديق عملٍ فقط؟ أفيدونا أثابكم الله.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه؛ نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن واجب المسلم بالنسبة إلى غير المسلم أمورٌ متعددة، منها: الدعوة إلى الله - عز وجل -، وأن يدعوه إلى الله، وأن يبين له حقيقة الإسلام حيث أمكنه ذلك، وحيث كانت لديه البصيرة، لأن هذا أعظم إحسان وأكبر إحسان يهديه إلى مواطنه، وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي - رضي الله عنه – لما بعثه إلى خيبر، وأمره أن يدعوا إلى الإسلام قال: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)، فدعوته إلى الله، وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك، هذا من أهم المهمات ومن أفضل القربات. ثانياً: لا يظلمه، لا في نفس ولا في مال ولا في عرض، إذا كان ذمياً أو مستأمناً أو معاهداً، فإنه يؤدي إليه حقه، فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش، ولا يظلمه في بدنه لا بالضرب ولا بالقتل؛ لأن كونه معاهداً أو ذمياً في بلد أو مستأمناً هذا يعصمه. ثالثاً: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه اشترى من الكفار عبَّاد الأوثان، واشترى من اليهود، وهذه معاملة، وقد توفي -عليه الصلاة والسلام- ودرعه مرهونة عند يهودي في طعامٍ لأهله -عليه الصلاة والسلام-. رابعاً: السلام، لا يبدأه بالسلام، ولكن يرد، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام)، وقال: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم). فالمسلم لا يبدأ الكافر ولكن متى بدأ وسلم عليك اليهودي أو النصراني أو غيرهما تقول: وعليكم، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام. هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر. ومن ذلك أيضا: حسن الجوار، إن كان جاراً تحسن إليه، ولا تؤذه في جواره، تتصدق عليه إن فقيراً، تهدي إليه تنصح له فيما ينفعه، لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله في الإسلام، ولهذا الجار له حق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، وإذا كان الجار كافراً كان له حق الجوار، وإذا كان قريباً وهو كافر صار له حقان: حق الجوار، وحق القرابة. يأخذ من الصدقة العادية والزكاة؟ الحق الجائز أن يتصدق عليه إن كان فقيراً، يحسن إليه من غير الزكاة، لقول - سبحانه وتعالى -: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) سورة الممتحنة. وفي الحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما- أن أمها وردت عليها وهي مشركة في الصلح الذي بينهم وبين أهل مكة تريد المساعدة، فاستأذنت أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم- في ذلك أن تصلها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: صليها. بالنسبة لمشاركته في احتفالاته. كذلك في الاحتفالات ليس له المشاركة، المسلم لا يشاركهم في احتفالاتهم، في أعيادهم، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم إذا كان عندهم عزى في بيته، يقول:جبر الله مصيبتك، أو أحسن لك الخلف بخير، وما أشبه من الكلام الطيب، ولا يقول: غفر الله لك، ولا يقول رحمه الله إذا كان كافراً، لا يدعوا للميت، ولكن يدعو للحي بالهداية بالعمل الصالح ونحو ذلك.