الإجابة:
تتجمل المرأة لزوجها في الحدود المشروعة من الأمور التي ينبغي لها أن
تقوم بها ، فلأن المرأة كلما تجملت لزوجها كان ذلك أدعي إلي محبته لها
وإلي الائتلاف بينهما ، وهذا من مقاصد الشريعة ، فالمكياج إذا كان
يجملها ولا يضرها فإنه لا بأس به ولا حرج .
ولكني سمعت أن المكياج يضر بشرة الوجه وأنه وبالتالي تتغير به بشرة
الوجه تغيرا قبيحا قبل زمن تغيرها في الكبر ، وأرجو من النساء أن
يسألن الأطباء عن ذلك . فإذا ثبت ذلك كان استعمال المكياج إما محرما
أو مكروها علي الأقل ، لأن كل شي يؤدى بالإنسان إلي التشويه والتقبيح
فإنه إما محرم وإما مكروه .
وبهذه المناسبة أود أن أذكر ما يسمي ب ( المناكير ) وهو شي يوضع علي
الأظافر تستعمله المرأة وله قشرة ، وهذا لا يجوز استعماله للمرأة إذا
كانت تصلي ، لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة ، وكل شي يمنع وصول
الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضي أو المغتسل ، لأن الله يقول{
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ}(المائدة: من الآية6) ومن كان على أظفارها
مناكير فإنها تمنع وصول الماء ، فلا يصدق عليها أنها غسلت يدها فتكون
قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغسل ، وأما من كانت لا تصلى فلا
حرج عليها إذا استعملته إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار ،
فإنه لا يجوز لما فيه التشبه بهم .
ولقد سمعت أن بعض الناس أفتى بأن هذا من جنس لبس الخفين ، وأنه يجوز
أن تستعمله المرأة لمدة يوم وليلة إن كانت مقيمة ، ومدة ثلاثة أيام إن
كانت مسافرة ، ولكن هذه فتوى غلط وليس كل ما ستر الناس به أبدانهم
يلحق بالخفين ، فإن جاءت الشريعة بالمسح عليهما للحاجة إلي ذلك غالبا
فإن القدم محتاجة للستر ، لأنها تباشر الأرض والحصى والبرودة وغير ذلك
، فخصص الشارع المسح بهما . وقد يدعى قياسها على العمامة وليس بصحيح ،
لأن العمامة محلها الرأس ، والرأس فرضه مخفف من أصله ، فإن فريضة
الرأس هي المسح بخلاف الوجه فإن فريضته الغسل ، ولهذا لم يبح النبي
صلى الله عليه وسلم أن تمسح القفازين مع أنهما يستران اليد .
"وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة أن
النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وعليه جبة ضيقة الكمين فلم يستطع إخراج
يديه ، فأخرج يديه من تحتها فغسلها "، (1) فدلّ هذا على أنه لا
يجوز للإنسان أن يقيس أي حائل يمنع وصول الماء علي العمامة وعلى
الخفين ، والواجب على المسلم أن يبذل غاية جهده في معرفة الحق ، وأن
لا يقدم على فتوى إلا وهو يشعر أن الله تعالى سائله عنها ، لأنه يعبر
عن شريعة الله عز وجل .
(1) رواه البخاري ، كتاب الصلاة ، باب في الجبة الشامية رقم (363) ،
ومسلم ، كتاب الطهارة ، باب المسح على الخفين رقم (274)