سها الإمام فزاد ركعة هل نتابعه

لقد صلى بنا يوماً من الأيام إمام المسجد صلاة العصر خمس ركعات، فنبهناه ولكنه لم يرجع، فهل يجوز لنا متابعته أم الجلوس ثم السلام معه وهل على من تابعه عالما بأنه صلى خمسا إعادة أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فقد شرع الله عز وجل للمسلمين إذا سها إمامهم أن ينبهوه وقد سها النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أوقات، وعلى أنواعٍ من السهو، فنبهه المسلمون ورجع إلى تنبيههم عليه الصلاة والسلام، وبين أحكام السهو في عدة أحاديث، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سها ذات يوم فقام إلى الخامسة في صلاة الظهر أو العصر فلم ينبه فلما سلم من الخامسة توشوش الناس فيما بينهم، فسألهم، فقالوا: أحدث شيء في الصلاة يا رسول الله، قال: (وما ذاك؟) قالوا: صليت كذا وكذا، يعني صليت خمساً، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتي السهو عليه الصلاة والسلام، ثم سلم ثم قال: (لو حدث في الصلاة شيء لأنبهتكم به، ولكني بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) فبين عليه الصلاة والسلام أنه يصيبه النسيان والسهو كما يصيب غيره من البشر، وأن الواجب على المأمومين التنبيه، فالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقع لهم السهو، ولكنه لا يقرون على ذلك، فإما أن يأتي الوحي من السماء بتنبيههم على ما وقع من الخطأ، وإما أن ينبههم الناس على ذلك فيعلم السهو وتفعل أحكامه، وفي هذه القصة أنه نبهه المسلمون بعد ما صلى الخامسة، فسجد للسهو سجدتين ثم سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يقل لهم أعيدوا صلاتكم أو يقل لهم أخطأتم فيما فعلتهم، لأنهم ظنوا أن الصلاة غيرت، وأنه زيد فيها، فلهذا قاموا وصلوا معه الخامسة ظانين أن الصلاة زيد فيها، فلما نبههم عليه الصلاة والسلام على أنه لم يحدث شيء تبين أنه ساهٍ عليه الصلاة والسلام في ذلك، وأخبرهم أن عليهم التنبيه، أن ينبهوا إذا سها إمامهم، فالواجب على المأمومين إذا سها أن ينبهوه ويقولوا: سبحان الله، سبحان الله، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء)، الرجل يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى ينتبه الإمام، والمرأة تصفق بيديها، بيدٍ على يد حتى ينتبه الإمام، وإذا قام إلى خامسة ولم يرجع بالتنبيه فإن المأمومين لا يقومون معه، يجلسون فإذا سلم سلموا معه، لأنهم غير معذورين، أما هو قد يكون معذوراً، قد يعتقد أنه مصيب، ولهذا لم يرجع، وإذا اعتقد أنه مصيب لا يرجع، يستمر ويكمل، لكن المأموم إن كان يعتقد أنه مصيب جلس، وانتظر حتى يسلم مع إمامه، وإن كان ليس عنده علم فإنه يقوم مع الإمام ويتابع الإمام، هذا هو الأصل، ومن قام مع الإمام وتابعه من أجل سهوه أو لجهله بالحكم الشرعي، ما يعرف الحكم الشرعي فصلاته صحيحة ولو زاد، لأنه إمام جاهل وإما ساهٍ، فلا شيء عليه، وأما العالم بالحكم الشرعي، والعالم بالسهو فإنه لا يتابع الإمام بل يجلس وينتظر حتى يسلم مع إمامه، هذا هو الحكم الشرعي في هذه المسألة، بعض الناس ما يعرف الأحكام يقوم ولو درى أنه ساهي، يحسب أنه يلزمه فيقوم ويتابع الإمام، فهذا ما دام قام جهلاً منه فإن صلاته صحيحة وليس عليه شيء، ولكن في المرة الأخرى إذا وقع هذا لا يقوم، متى عرف الحكم الشرعي لا يقوم بل يجلس وينتظر يقرأ التحيات ويكملها ويدعو ربه، يشتغل بالدعاء حتى يسلم إمامه فيسلم معه. ومثل هذا لو سلم عن نقص فإنه ينبه أيضاً، مثل في الرباعية سلم من ثلاث، الظهر أو العصر أو العشاء سلم من ثلاث فإنه ينبه، إذا جلس ينبه فإن أجاب وقام فالحمد لله وإلا فمن يعلم أنه ناقص يقوم، ينوي الانفراد ويقوم يكمل صلاته لنفسه، وأما الإمام فالواجب عليه أن ينتبه، إذا نبهوه يجيبهم ويقوم، فإذا جلس في الثالثة من أربع ينبه ويقوم، لكن لو اعتقد أنه مصيب وأنهم المخطئون هم فإنه لا يقوم بل يكمل صلاته ويسلم، والذين ما عندهم ضبط يسلموا معه، أما من عنده ضبط وأنه يعلم أن الإمام ناقص فإنه يقوم يكمل صلاته أربعا، ويكون هذا معذور وهذا معذور، الإمام معذور في اعتقاد الصلاة لنفسه، والمأموم الذي يعلم أنه ناقص معذور حيث قام وكمل صلاته والحمد لله، مثل الزيادة سواء.