ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف

ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد. مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف الإيمان بذلك والاستقامة على ذلك، فإن المؤمن يعبد الله وحده ويخلص له العبادة وهو مع ذلك يرجوه ويخافه، يرجو رحمته فيسارع إلى مراضيه، ويخاف عقابه فيبتعد عن مساخطه ومناهيه سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه في عباده الصالحين من الرسل وأتباعهم: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) فرغباً هذا رجاءً، ورهباً يعني خوفاً، هذه سنة أهل الإيمان من الرسل وغيرهم؛ أنهم يعبدون الله ويدعونه عن إخلاص له وعن محبة وتعظيم وعن رغبة ورهبة يرجون رحمته ويخافون عذابه، فالواجب على كل مؤمن أن يكون هذا، أن يكون مخلصاً لله مؤمناً، بالله موحداً له سبحانه يرجو رحمته ويخشى عقابه جل وعلا، وقال في الآية الأخرى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) فهذه صفة المؤمنين التقرب إلى الله بطاعته من الإخلاص وأداء الفرائض وترك المناهي مع الخوف منه جل وعلا ورجاء رحمته وإحسانه سبحانه وتعالى، أما المرجئة فغلبوا جانب الرجاء وتساهلوا بجانب الخوف، والمعتزلة والجهمية وأشباههم غلبوا جانب الخوف وفرطوا في جانب الرجاء، وأهل السنة والجماعة ضد ذلك يؤمنون بهذا وهذا، يرجون رحمته ويوحدونه ويسارعون إلى مراضيه، مع الخوف منه سبحانه والحذر منه، ويقولون: من مات على معصية وهو موحد مخلص لله مؤمن لكنه مات على معصية من المعاصي لا يستحلها؛ مات على الزنا وهو زاني ما تاب، مات وهو يشرب الخمر، مات وهو عاق لوالديه مات، وهو يأكل الربا أو نحو هذا من المعاصي لكن لا يستحل ذلك، يعلم أنه عاصي فهذا تحت مشيئة الله عند أهل السنة، تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وأدخله الجنة برحمته وإحسانه، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة برحمته وإحسانه جل وعلا ولا يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار إلا الكفار الذين بطلت أعمالهم بكفرهم وضلالهم هؤلاء هم المخلدون في النار كما قال الله سبحانه: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) ما دون الشرك من المعاصي تحت المشيئة يغفره لمن يشاء من عباده لأعماله الصالحة وتقوى الله، أو بشفاعة الشفعاء كالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين والملائكة والأفراط، أو بمجرد رحمته وعفوه وفضله سبحانه وتعالى من غير شفاعة أحد، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان، الإيمان بالله والإخلاص له والاستقامة على دينه مع المحبة العظيمة مع الرجاء والخوف خلافاً للمرجئة وخلافاً للوعيدية المعتزلة وغيرهم. والواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يسير على منهج السلف الصالح، وأن يعبد الله وحده عن إيمان وعن صدق وعن إخلاص وعن رجاء وخوف، يؤدي فرائض الله ويحذر محارم الله ولا يأمن من مكره بل يخافه ويرجوه قال تعالى: (أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له عليه الصلاة والسلام)، فهو مع كونه مغفوراً له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع كونه سيد ولد آدم ومع كونه أفضل الناس وأكمل الناس إيماناً مع هذا يخاف الله ويرجوه بل يقول إنه أخشى الناس لله:(والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له) عليه الصلاة والسلام، ولهذا يقول السلف من كان بالله أعرف كان منه أخوف، كلما زاد علم العبد بالله وبأسمائه وصفاته زاد خوفه من الله وزاد تعظيمه له وزاد رجاءه له، وزاد ثباته على الحق واستقامته عليه وحذره من خلافه.