متى ينقطع الترخص في السفر

السؤال: رجعت من السفر، ووصلت إلى بلدي بعدما أُذِّن لصلاتي المغرب والعِشَاء وأنا في الطريق؛ فهل أصلي المغرب والعشاء جمعاً (وقصراً للعشاء) وكأني على سفرٍ، أم أصليهما حضراً بلا جمع ولا قصر ما دمت قد وصلت إلى بلدي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا دخل المسافر وَطَنَه زال حكم السفر، وتَغَيَّر فرضه بصَيرورَتِهِ مُقيماً، سواءٌ دخل وطنه للإقامة، أو للاجتِيَاز، أو لقضاء حاجة، وهو الثابت من فِعْلِ النبي بعد عودته من جميع أسفاره؛ ولأن رُخَص السَّفر تنقطع بوصول المسافر إلى وطنِهِ، ولأنه تخفيفٌ تَعَلَّقَ بِعذر؛ فزال بزوال العذر؛ قال الكاساني في "بدائع الصنائع": "المسافر إذا دخل مِصْرَهُ صار مُقِيماً، سواء دخلها للإقامة أو للاجتياز أو لقضاء حاجة، والخروج بعد ذلك; لما رُوِيَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج مسافراً إلى الغزوات، ثم يعود إلى المدينة، ولا يجدد نيةَ الإقامة، ولأن مِصْرَهُ مُتَعَين للإقامة، فلا حاجة إلى التَّعيين بالنيَّة، وإذا قرب من مِصرِهِ فَحَضَرَت الصلاة فهو مُسَافر ما لم يدخل، لما روي أن علياً رضي الله عنه حين قَدِمَ الكوفة من البصرة صلى صلاة السَّفر وهو ينظر إلى أبيات الكوفة".

وجاء في "الفتاوى الهندية": "وإذا دخل المسافر مِصْرَهُ أَتَمَّ الصلاة وإن لم ينوِ الإقامة فيه سواء دخله بنيَّةِ الاختيار أو دخله لقضاء الحاجة، كذا في "الجوهرة النَّيِّرَةِ".

ونص الإمام أحمد في رواية أبي داود والأثرم أن من نسي صلاة حضر فذكرها في السفر، أو نسي صلاة سفر فذكرها في الحضر صلى في الحالتين صلاة حضر; لأن القصرَ رخصةٌ من رخص السفر فَيَبْطُلُ بزواله.


وعليه؛ فما دُمتَ قد قَدِمْتَ إلى محل إقامتك، فعليك أن تصلي المغرب، ثم تصلي العشاء حَضَراً، أي تماماً بدون قصر؛ لأن موجب القصر قد انقطع، وهو السفر؛ لأن الله تعالى أباح القَصْرَ بشرط الضرب في الأرض، والمقيم غير ضارب في الأرض، وإن كان الواجب عليك أن تصلي المغرب في وقتها وأنت في السفر على قدر استطاعتك وتأتي من الأركان والواجبات ما تقدر عليه؛ لأن الجمع بين الصلوات رخصة للمسافر دون المقيم،، والله أعلم.



نقلاً عن موقع الآلوكة.