من مشكلات شابة مراهقة

السؤال: - ما حكم العادة السرية؟ وهل يمكن اللجوء إليها في حالة الشذوذ؟ وما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية؟ وأظنها أنها أفضل من الزنا. - هل الحجاب ضروري لفتاة في سن 16أي هل هو مفروض عليها كذلك؟ - أنا مخطوبة لشاب لا أحبه تماماً، وأريد إتمام دراستي لكن والدي يجبروني على الزواج به، فماذا أفعل؟ كل الأسئلة التي طرحتها عليكم أنا أفعلها!! ولا أرتدي الحجاب!! وأقول أخطأ في والدي!! وكل الصغائر أفعلها وأتوب وأعود إلى العادة السرية ومشاهدة أفلام الإباحة!! فلقد اختنقت، وأريد الرجوع إلى الله، فأرجو منكم المساعدة.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما وصل إليه حال المسلمين من ردة في الأخلاق وانقلاب في المفاهيم، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم"، قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى قال: "فمن؟" (رواه البخاري)، فاتبع المسلمون عادات الغرب الوقحة وتركوا شريعة الله تعالى السمحة التي تأمر بالفضيلة وتحث على مكارم الأخلاق.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد الشباب إلى الاستمناء (العادة السرية)، ولو كان خيراً لأرشد إليه، وإنما أرشد إلى الزواج أو الصوم فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي وقاية من الزنا (أخرجه البخاري ومسلم).

ولقد قرر الأطباء أن ممارسة العادة السرية تؤدي إلى أضرار بدنية، ونفسية، فهي تستنفد قوى البدن، وتسبب الاكتئاب، وتشغل فاعلها عن الواجبات، وقد تقوده إلى ارتكاب الفواحش، فكثير من الرجال يصاب بالضعف الجنسي بسبب هذه العادة ويظهر ذلك جلياً عند الزواج..إلخ. بل إن الكثير ممن اعتادوا ذلك لم يفلحوا في الزواج، فوقع الطلاق، ومنهم من استمر في هذه الممارسة بعد الزواج وبعد إنجاب الأطفال!! ولا يزال يبحث عن طريق الخلاص، أما الفتاة فقد تزول (بكارتها) بفعلها كما يقول الأطباء، وإذا كانت تمارس العادة السرية بصورة مستمرة ومتكررة ولمدة طويلة، وتعيش في خيالاتها خاصة، فإن قدرتها على الاستمتاع بعد الزواج يمكن أن تتأثر فلا تشعر بما تشعر به الفتيات اللاتي لا يمارسن تلك العادة ولا يرين متعة فيها، وهذا ما يعرف بالإدمان، وهو من أخطر الأمور.

قال الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله: "وما كان مضراً طبياً فهو محظور شرعاً وهذا محل اتفاق بين الفقهاء" انتهى.

وما أحسن ما أفتى به الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق حيث قال: "ومن هنا يظهر أن جمهور الأئمة يرون تحريم الاستمناء باليد، ويؤيدهم في ذلك ما فيه من ضرر بالغ بالأعصاب والقوى والعقول، وذلك يوجب التحريم، ومما يساعد على التخلص منها أمور، على رأسها:
1 - المبادرة بالزواج عند الإمكان ولو كان بصورة مبسطة لا إسراف فيها ولا تعقيد.
2 - وكذلك الاعتدال في الأكل والشرب حتى لا تثور الشهوة، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أوصى بالصيام في الحديث الصحيح.
3 - ومنها البعد عن كل ما يهيج الشهوة كالاستماع إلى الأغاني الماجنة والنظر إلى الصور الخليعة، مما يوجد بكثرة في الأفلام بالذات.
4 - توجيه الإحساس بالجمال إلى المجالات المباحة كالرسم للزهور والمناظر الطبيعة غير المثيرة.
5 - ومنها تخير الأصدقاء المستقيمين والانشغال بالعبادة عامة، وعدم الاستسلام للأفكار.
6 - الاندماج في المجتمع بالأعمال التي تشغله عن التفكير في الجنس.
7 - عدم الرفاهية بالملابس الناعمة، والروائح الخاصة التي تفنن فيها من يهمهم إرضاء الغرائز وإثارتها.
8 - عدم النوم في فراش وثير يذكر باللقاء الجنسي.
9 - البعد عن الاجتماعات المختلطة التي تظهر فيها المفاتن، ولا تراعى الحدود.
وبهذا وأمثاله تعتدل الناحية الجنسية ولا تلجأ إلى هذه العادة التي تضر الجسم والعقل، وتغري بالسوء". انتهى.

بقي أن نقول: إن هذه العادة السيئة تعطي شعوراً خداعاً، وتوقع صاحبها في الأوهام والخيالات، فعليك بمقاومة النفس والتغلب على إغوائها، وننصحك بالتوبة إلى الله بصدق، والالتجاء إليه أن يخلصك من هذه العادة المرذولة، وعليك بالإكثار من تلاوة القرآن والصوم وغيرها من العبادات، مع الالتزام بكل النصائح التسع التي سبق ذكرها، ولا يمكن اللجوء إليها أبداً لأنها داء وليست دواء.

أما الشذوذ: فالشذوذ الجنسي مرض قلبي وميل شيطاني، يجب على العبد دفعه عن نفسه بالبعد عن أسبابه واجتناب دواعيه، فلقد فطر الله الإنسان على أن يميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، ومن خرج عن هذا الأصل كان خارجاً عن الفطرة، وقد دلت النصوص الصحيحة على ذلك، قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30]، وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (متفق عليه)، وفي الحديث القدسي: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" (رواه مسلم)، ومن تأمل هذه النصوص علم يقينا أن الله تعالى خلق الخلق أسوياء على الفطرة، وأن من تنكب عن هذه الفطرة فبما كسبت يداه، وبتفريط منه باتباعه خطوات الشيطان، أو بسبب ما يحيط به من مؤثرات وعوامل بيئية فاسدة مفسدة.

واعلمي أن مفسدة الشذوذ تلي مفسدة الكفر في القبح والفظاعة كما قال أهل العلم، وربما كانت أعظم من القتل، فبادري إلى التوبة، وجاهدي نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، والمعصية القبيحة، واسلكي السبل الصحيحة اللازمة لتركه.

وعلاج ما أنت فيه يكون بأمور:

- أن تتوب إلى الله توبة صادقة، والندم على تفريطك في حق الله، والعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.
- أن تشغلي وقتك بطاعة الله، وكثرة ذكره سبحانه وتعالى.
- أن تصاحبي الصالحين وتتقربي منهم ومن مجالسهم، وتترك مخالطة أهل البطالة والسوء.
- أن تسدي جميع المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، ويكون ذلك بغض البصر.
- التزوج، فالزواج وسيلة ناجحة لعلاج المشكلات الجنسية، إذا تهيأت الأسباب المعينة على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (متفق عليه).
- الخوف من سوء الخاتمة وأن يسأل الإنسان نفسه كيف سيقابل الله لو قبض الله روحه وهو يعمل هذه الرذيلة.
- أن يحفظ بصره ويغضه عما حرم الله.

ثم عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والانكسار أمام الخالق، وتذكري القبر وعذابه ويوم الحساب، فإن من تذكر القبر ويوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادعاً لك عن المعصية،ولا تجعل قلبك يفرغ عن ذكر الله مطلقاً، خاصة الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء، وبعد الصلاة وعند النوم وتجدها في كتاب: (حصن المسلم) للقطحاني، وحافظ على وضوئك بقدر المستطاع، وادع الله أن يرزقك العفاف وأن يكره إليك هذه الأفعال المحرمة ويصرفها عنك، والله نسأل أن يثبت فؤادك ويصرف عنكِ السوء.

أما مشاهدت الأفلام الإباحية فإنها من أسباب الوقوع في الزنا والعادة السرية ولذلك عدها بعض أهل العلم شراً منهما من هذه الحيثية، وأنها بريد الزنا، فلا يجوز للمسلم مشاهدة الأفلام الجنسية، ويجب عليه أن يبتعد عنها وعما يدعو إليها أو يقرب منها، فقد قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30-31]، فالشرع والعقل، يوجبان البعد عن مواطن الإثارة، ويأمران بغض البصر والتعفف، قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} [النور: 33].

ومشاهدة هذه الأفلام تؤدي إلى قساوة القلب والغفلة عن الله تعالى وعن ذكره، ومن ثم يأتي ارتكاب الفواحش العظمى، لذلك فحكمها الحرمة.

أما الحجاب فإنه فرض عين على المرأة المسلمة البالغة لا يجوز لها خلعه بحالٍ، وذلك بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59]، وقال تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:31]، وقال صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما..." وذكر منهما: "ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" (رواه مسلم).

وقد وضع العلماء لحجاب المسلمة شروطاً، أهمها:

1 - استيعاب جميع البدن.
2 - أن لا يكون اللباس زينة في نفسه.
3 - أن يكون صفيقاً لا يشف.
4 - أن يكون فضفاضاً واسعاً.
5 - أن لا يكون الثوب مبخراً بالطيب أو العود.
6 - أن لا يشبه ثياب الرجال.
7 - أن لا يشبه ثياب الكافرات.
8 - أن لا يكون ثياب شهرة.

أما رضا المرأة فإنه من الشروط اللازمة لصحة الزواج، فلا تُجبر على الزواج من رجل لا ترغب فيه، لما في ذلك من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ينشأ عنه من مشاكل وعدم استقرار في الحياة الزوجية ذلك لأدلة كثيرة منها ما في صحيح مسلم والمسند والسنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها"، وفي الصحيحين والمسند عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر. ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت".

وإن كنا ننصحك، إن كان هذا الرجل صاحب دين وخلق أن تتقبليه فإن أكثر البيوت لا تبنى على الحب ولكن على المودة والاحترام المتبادل ثم يأتي الحب بعد الزواج.



من فتاوى زوار موقع طريق الإسلام.