النقل مقدم على العقل

الذين يقولون: إن الحديث الفلاني وإن كان صحيحاً لا يتفق مع العقل، ماذا يقول لهم سماحة الشيخ؟

الإجابة

يقال لهم أخطأتم، عقلكم هو الذي أخطأ ، والسنة هي المصيبة ، سواء كانت السنة متواترة أو آحادا، متى ثبت السند ، واستقام السند ، وصح عند أهل العلم ، وعند أهل النقل والبصيرة وجب الحكم فيه وإن كان ليس بمتواتر ، وإن كان من أخبار الآحاد ، وعند أهل الحديث أن الآحاد ما لم تجتمع فيه شروط المتواتر يسمونها آحاداً، قد يكون مشهوراً ، قد يكون عزيزا، قد يكون غريباً ، لكن مهما كانت الحال فالصواب أن الحديث الصحيح حجة مطلقة، ولو كان آحادا، ولو كان من طريق واحدة، وقد حكم غير واحد من أهل العلم إجماع أهل السنة على ذلك، وأن الحديث إذا استقام سنده ، واستقامت رواته، وسلم من العلة ، فإنه حجة، ولو كان بسندٍ واحد ، أو سندين ، ولو لم يتوافق في شروط المتواتر ، هذا هو الحق، وهو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية ، مثل قوله- جل وعلا -: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [(54) سورة النور]. مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ [(80) سورة النساء]. وقوله جل وعلا : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [(7) سورة الحشر]. هذا يعم، فيعم الأخبار المتواترة والأخبار الغير متواترة، وأكثر السنة غير متواتر. المقدم: الواقع سماحة الشيخ هذه القضية تكاد تكونوا قضية العصر، ولاسيما وأن هناك بعضاً من طلبة العلم، يؤمن بهذه المدرسة الموسومة بالمدرسة العقلية، ويعرضون النصوص الشرعية كما يزعمون على عقولهم، فما وافق عقولهم أخذوا به، وما لم يكن كانوا جريئين في رده كما يقولون، لعل هناك من كلمة أخيره في هذا المقام؟ الشيخ: نسأل الله أن يهديهم، نسأل الله أن يردهم إلى الصواب، لقد أخطئوا وظلوا السبيل، فنسأل الله أن يهديهم إلى الصواب ، وأن يردهم إلى الحق، حتى يسلموا في أنفسهم ، ويسلم غيرهم من شرهم، نسأل الله أن يهديهم، لقد أخطئوا كثيراً ، وظلوا كثيرا، والعقول محل الخطأ ، ومحل النقص ، ومحل النسيان ، والعصمة لله ولكتابه ولرسوله فيما يبلغ عن الله ما هي لعقول الناس، ولو فكر إنسان في عقله لعرف أخطاء عقله فيما يتعلق بنفسه وبيته وأولاده وغير ذلك، لو فكر، لكن أكثر الناس يغتر بعقله ، ويظن أن عقله جيد ، وأنه يصيب ، وأنه يعرف يميز الصواب من الخطأ من السنة وهذا جهل كبير، في هذا جهل كبير، فإن السنة ليست تأتي بموافقة عقول الناس، تأتي بما تقتضيه حكمة الله - جل وعلا - ، وعلمه - سبحانه وبحمده - بأحوال الناس، وحكمته العظيمة في مصالحهم ، ودرء الشر عنهم. فالشرائع تأتي بما تحار فيه العقول ولكن لا تأتي بما تحيله العقول، العقول الصحيحة السليمة تخضع، ما تحيل ما جاءت به السنة، ولا ما جاء به الكتاب العزيز ، قد تحار ، ولا تعرف الحكمة ، لكن ترجع إلى الصواب، الحكمة إلى الله - جل وعلا -، إن ظهرت لك فالحمد لله و إلا فهو حكيم عليم وإن لم تعرف حكمته، فهو حكيم عليم، عليك أن تخضع لقوله وشرعه ، وإن جهلت الحكمة ، فالله - سبحانه - هو الحكيم العليم وإن أبيت، وقلت إنه ما ظهر لك الحكمة، فالله أحكم منك، وأعلم منك - سبحانه وتعالى -، وهو الحكيم العليم قطعاً ، وأنت إذا كنت مسلم تسلم بهذا، تؤمن بأنه حكيم عليم، فإن كنت مؤمناً بذلك فاخضع لهذا الشيء، وألغ عقلك إذا ثبت النص ، واعلم أن الله حكيم عليم ، وأنه أعلم منك بمصالح عباده - سبحانه وتعالى -.