الإفطار من غير عذر في صيام القضاء

السؤال: أريد أن أسألَ عنْ صيام القضاء بعد رمضان؛ لأنني صُمْتُ يومًا مِنْ أيام القضاء، ونويتُ صيامه من الليل، وعندما أصبحْتُ أفطرْتُ مِنْ غير عُذْر، فهل عليَّ شيء؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فمن شرع في صيام واجب - كقضاء يوم من رمضان، أو صيام نذر، أو كفارة - فالظاهر أنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعُذر شرعي، وهكذا كل مَن شرَع في عبادة واجبة، فإنه يلزمه إتمامها، ولا يحل له قطعها إلا بعُذر شرعي، ولو فعَلَ فإنَّه يأثم لقطعه للعبادة الواجبة، ولأن ذلك يدل على عدم اهتمامه بالعبادة وتلاعُبه بها، وقد قال تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، وهي عامة في جميع الفرائض إلا لعُذر، ولما يفهم مِن حديث لأم هانئ رضي الله عنها قالت: لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه، ثم ناوله أم هانئ فشربت منه، فقالت: يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال صلى الله عليه وسلم: "أكنتِ تقضين شيئًا؟"، فقالت: لا، قال: "فلا يضرك إنْ كان تطوُّعًا" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح"، وصححه الألباني)، وفي رواية عند أحمد: "فلا بأس عليك".

فدلَّ على أنه إن كان صيامًا واجبًا ثم أفطرت بلا عُذر شرعي، فإن ذلك يضرها، والضرر هنا هو الإثْم.

قال ابن مُفلح في "الفروع": وَيحْرُمُ فِطْرُ مَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ". اه.

قال ابن قُدامة: "ومن دَخَلَ فِي وَاجِبٍ، كَقَضَاءِ رَمَضَان، أَوْ نَذْرٍ مُعَينٍ أَوْ مُطْلَقٍ، أَوْ صِيامِ كَفَّارَةٍ - لَمْ يجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَينَ وَجَبَ عَلَيهِ الدُّخُولُ فِيهِ، وَغَير المُتَعَينِ تَعَينَ بِدُخُولِهِ فِيهِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْفَرْضِ الْمُتَعَينِ، وَلَيسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ". اه.

وعليه؛ فالواجب على السائلة الكريمة صيام يومٍ مكانه، وأن تتوبَ إلى الله عز وجل وتستغفره لِمَا وقَع منها من قطع الصوم الواجب بلا عُذر،، والله أعلم.