قراءة القرآن بالتدبر

يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرؤون سورة يس بعدتها، ثم يتقدم أحدهم ويدعو والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، فهل هذا من الشرع، والقراءة لعدد معين وهو إلى مرة أو أكثر، وهل جاء في الشرع والقرآن والسنة ما يؤيد هذا؟

الإجابة

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام، فيذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له ذات يوم: (يا عبد الله اقرأ عليَّ القرآن، فقال: يا رسول الله، كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله: فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً، قال: حسبك، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان، عليه الصلاة والسلام)، لأنه يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة، عليه الصلاة والسلام، فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس أو في أي مكان وقرؤوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا هذا خير عظيم وفيه فضل كبير، ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت حتى يستفيد ويتدبر وإذا دعوا بعد القراءة بما شاء الله من الدعاء فلا حرج في ذلك، لكن كونهم يعتادون تكرار سورة يس أو غيرها عدداً معين هذا ما نعلم له أصلاً، ولكن يقرؤون ما تيسر من يس من البقرة من غير ذلك يقرأ ما تيسر أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرؤون هذا ثم يعيد القراءة هذا حتى يستفيدوا جميعاً ويتدبروا أما تخصيص عدد معين من تكرار السورة هذا لا أعلم له أصلاً، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فالأولى أن يكون الدعاء فيما تيسر من غير رفع الأيدي ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه ما تيسر بينه وبين نفسه هذا هو الذي نعلمه من السنة، ولكن ينبغي على كل التدبر والتعقل وأن تكون القراءة مقصودة ليس مجرد الألفاظ فقط، ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر لقوله عز وجل: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب، فالمقصود من القراءة التدبر والتعقل والعمل والفائدة نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.