حكم حضور وسماع المولد مجبرا أو إحتراماً

هل من ذنب عليك إذا استمعت إلى المولد ملزماً أو مجبراً، إحتراماً لأبيك، وإذا كان لا فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله.

الإجابة

الاحتفال بالموالد من البدع التي أحدثها الناس في القرن الرابع الهجري وما بعده، وأول من احتفل جماعة من الرافضة يقال لهم: بنو عبيد القداح، ويقال لهم: الفاطميون، ملكوا مصر في المائة الرابعة وممالك أخرى إلى نهاية المائة السادسة، وهم ظاهرهم ........ والتشيع، وباطنهم الكفر المحض كما قال أبو العباس بن تيمية -رحمه الله- في شأنهم، فهم الذين ابتدعوا هذا المولد واخترعوه واحتفلوا بالموالد، قال جماعة من المؤرخين أنهم أحدثوا خمسة موالد أحدها في الحسين، ثانيهم لفاطمة، ثالثهم لحاكمهم، والرابع إما للحسن وإما لغيره، والخامس للنبي -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أنها خمسة منها احتفالهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا ينبغي للمؤمنين أن يتأسوا بهؤلاء، ثم حدث في الناس بعد ذلك من أحدث هذا المولد واحتفل به في دول كثيرة، فلا ينبغي لأحد أن يتأسى بأحد ممن أحدث البدع، وهكذا ما ذكر عن ......... أنه أحدث ذلك، كل هذا لا يليق بأهل العلم والإيمان أن يتأسوا بمن أحدث البدع ولو كان معروفاً، ولو كان كبيراً كبعض الملوك والأمراء، أو بعض من .......... العلم فإن القاعدة التي يجب الالتزام بها ويجب السير عليها أن ما تنازع فيه الناس وما أحدثه الناس يعرض على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فما وافقهما قبل وما خالفها رُد، كما قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[النساء: 59]، قال العلماء -رحمهم الله- الرد إلى الله هو الرد إلى القرآن العظيم، والرد إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، مثل آيات أخرى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[الشورى: 10]، فالواجب على أهل الإيمان عند النزاع وعند الاختلاف وعند إحداث البدع أن يرد ما تنازع فيه الناس وما اختلفوا فيه إلى على كتاب ربهم وسنة نبيهم، فما شهدا له بالقبول قبول وما لا فإنه يرد، وقد نظرنا ...... ما وقع الناس فيه من هذه الموالد ودرسنا سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيرة أصحابه؛ فلم نجده -صلى الله عليه وسلم- يحتفل بمولده لا في المدينة ولا في مكة، لا قبل الهجرة ولا بعد الهجرة، لا قبل الفتح ولا بعد الفتح، وهو المبلغ عن الله -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأمين على تبليغ الرسالة، وهو أنصح الناس -عليه الصلاة والسلام- وهو أكمل الرسل بلاغاً، وأكملهم إيماناً، فلو كان الإحتفال بالمولد أمراً مشروعاً أو أمراً حسناً، يحصل فيه الأجر لبينه للأمه -عليه الصلاة والسلام-، ولبلغه إياهم، أو فعله بنفسه في حياته ولو مرة، أو أرشد إليه صحابته، أو فعله خلفاءه الراشدون -رضي الله عنهم- أو صحابته المرضيون -رضي الله عنهم-، فلما لم يقع شيء من هذا علمنا أن هذا الإحتفال أمر مبتدع، فالمقتضى هو يعتبر من البدع، فيدخل تحت قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته، ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم في صحيحه، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم ومحدثات الأمور....الحديث) وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- من حديث جابر عند مسلم: (إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، هذا لو سلم من الفتن والبدع الأخرى، لو كان مجرد احتفال .........، فكيف والغالب أنه لا يسلم، الغالب أنه لا يسلم من بدعٍ أخرى، وربما وقع فيه الشرك الأكبر بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغاثة به، وطلبه المدد والغوث، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا يقع كثيراً في الموالد التي يحتفل بها الناس للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولغيره، ولا شك أن الموالد التي يعرفها الناس يقع فيها منكرات متنوعة: منها ما تقدم من الإستغاثة بصاحب المولد، وطلبه المدد سواء كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أو غيره، ومنها ما قد يقع من التوسل به أو بجاهه وحقه، وهذا بدعة، ومنها ما يقع من بعضهم أنهم يقومون له، يقولون هذا حضر النبي -صلى الله عليه وسلم- يقومون، وهذا منكر لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يحضر لهم، ولا يخرج من قبره إلا يوم القيامة -عليه الصلاة والسلام-، وقد قال الله –عزوجل-: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ[المؤمنون: 15-16]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (أنا أول من تشق الأرض عنه يوم القيامة)، هو أول من تشق عنه الأرض يوم القيامة، أول من يخرج من القبور يوم القيامة، فقولهم أنه يحضر ويقومون له هذا من المنكر ومن الباطل من التزييف على العامة. والواجب على أهل الإيمان إتباع سنته وتعظيم أمره ونهيه لا يأبه للموالد، ويش الفائدة من الموالد إلا البدع والشر، الله يقول -سبحانه-: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران: 31]، ويقول -سبحانه-: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [الحشر: 7]، ويقول -سبحانه-: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ[النساء: 80]، ويقول -جل وعلا-: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[النور: 56]، ويقول -سبحانه-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ...... الآية[الأحزاب: 21]، فالذي يحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- صادقاً يتبعه، ويستقيم على طريقته في أداء الأوامر وترك النواهي، والوقوف عند حدوده، والدعوة إلى سبيله وإلى سنته والذب عنها، والتحذير من خلافها، هكذا يكون المؤمن هكذا يكون طالب النجاة، هكذا يكون المعظم للرسول -صلى الله عليه وسلم- يعظم سنته ويدعوا إليها، ويستقيم عليها قولاً وعملاً وعقيدة، وينهى الناس عن خلافها وعن الخروج عليها، هكذا المؤمن الصادق، وهكذا العالم الموفق، ....... بالسنة ويدعوا إليها، ويستقيم عليها، ويحافظ عليها، ويمثلها بأخلاقه وأعماله، هكذا الحب للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا الحب لله توحيده وطاعته وخوفه ورجاؤه والشوق إليه والمسارعة إلى مراضيه، والحذر من مناهيه، والوقوف عند حدوده، هكذا يكون المؤمن الصادق في حبه لله ولرسوله. أما إحداث البدع فليست من دلائل الإيمان، ولا من دلائل الصدق، ولكنها من تزيين الشيطان، ومن تلبيسه على الناس، حتى يحدثوا ما لم يأذن به الله، ولهذا قال -سبحانه-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ[الشورى: 21]، والمحب للرسول -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في اتباع شريعته، واتباع طريقه الذي يعلم الناس سنته وأخلاقه وأعماله، في المدراس وفي المساجد وفي البيوت وفي السفر والحضر وفي الطائرة وفي السيارة وفي القطار وفي كل مكان، هكذا المؤمن الصادق العالم الذي يعتني بالسنة ويعلمها الناس، ويعمل بها، وفيه غُنْيٌ عن إحداث البدع، المسلمون في غنية كاملة عن البدع: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ[الشورى: 21]، ويقول -سبحانه-: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ يخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم-: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا[الجاثية: 18-19]، هكذا أمر الله نبيه أن يستقيم على الشريعة التي .......... وهكذا أمته عليهم أن يستقيموا على الشريعة التي جاء بها -عليه الصلاة والسلام-، وعليهم أن يلزموها ...........