نزول الباري في الثلث الأخير

السؤال: حدث معي إشكال في فهم الحديث الشريف الذي يتكلم عن نزول الله عز وجل في إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، لأن الثلث الأخير من الليل يدور مع دوران الأرض. ففي كل بقعة على الأرض سيكون فيها الثلث الأخير من الليل. وإذا كان الله سبحانه موجوداً على الدوام في السماء الدنيا فلماذا النزول؟ ولكن نص الحديث يوحي أن الله جل جلاله يكون في عرشه ثم ينزل إلى السماء الدنيا. وهذا قد يجرنا إلى كيفية النزول. ونحن لا نستطيع الخوض في الكيفية.

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله،

لقد أخبر الله في كتابه في سبعة مواضع أنه استوى على العرش، فقال: تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وقال: {ثم استوى على العرش} [الفرقان:59]. في ست آيات، ودلت نصوص الكتاب والسنة على أنه هو العلي الأعلى فهو فوق كل شيء، وليس فوقه شيء قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:18]، وقال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]، وقال صلى الله عليه وسلم: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء" (صحيح مسلم 2713) كما دلت السنة المتواترة أنه سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، والنزول يتضمن الدنو من علو، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله، وأن نزوله لا ينافي علوه ويقولون: إنه ينزل حقيقة نزولاً يختص به، لا يماثل نزول المخلوقين ولا نعلم كنهه، فلا يلزم من نزوله ما يلزم من نزول المخلوقين، فلا يجوز أن يتخيل أنه إذا نزل كان تحت السموات، بل هذا النزول ثابت له بمشيئته وقدرته في الوقت الذي يشاؤه لأنه فعل من أفعاله، التي تكون بمشيئته، هذا ما عليه أهل السنة والجماعة، والواجب على المسلم الإيمان والتسليم وترك الخوض والتفكير فيما لا سبيل له إلى تصور حقيقته بل يقول كما قال الراسخون في العلم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:7-8].

تاريخ الفتوى 18-9-1427 ه.