من أدرك الركوع هل يلزمه قراءة الفاتحة؟

إذا أقيمت الصلاة ولم أقرأ مع المصلين سورة الفاتحة ولكن أدركت الركوع، وسمعت من الكثير من الناس أنه إذا لم تقرأ الفاتحة يلزمني ألا أسلم مع الإمام، ويلزمني إكمال الركعة التي لم أدرك فيها قراءة الفاتحة مع الإمام والمصلين؟

الإجابة

الصواب في هذه المسألة أن المسلم إذا أدرك الإمام وهو راكع فإنه يركع معه وتجزؤه الركعة ولا يلزمه قضاؤها هذا هو الصواب وهو الذي عليه جمهور أهل العلم, الأئمة الأربعة أبو حنيفة, ومالك, والشافعي, وأحمد, وجمهور أهل العلم، كلهم يرون أن الركعة مجزئة وأن صلاته صحيحة كاملة, وليس عليه قضاء الركعة. والحجة في ذلك ما ثبت في صحيح البخاري -رحمه الله- عن أبي بكرة الثقفي -رضي الله عنه- أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع فركع دون الصف ثم دخل في الصف فلما سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله عن ذلك, فأخبره أبو بكرة أنه هو الفاعل. فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "زادك الله حرصاً ولا تعد". فلم يأمره بقضاء الركعة ولكنه نهاه أن يعود إلى الركوع دون الصف, وأمره أن يصبر حتى يصل الصف ثم يركع في الصف. فهذا هو الواجب أن المؤمن لا يعجل، فإذا جاء والإمام راكع لا يعجل حتى يصل الصف ثم يركع مع الناس، وتجزؤه الركعة ويكون معذوراً في عدم قراءة الفاتحة؛ لأنه ما أدرك القيام، ومعلوم أن قراءة الفاتحة أمر مطلوب من المأموم وغيره بل فرض، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". ولكن هذا الذي أدرك الركوع معذور؛ لأنه فاته القيام فصار معذوراً, هذا هو الصواب, وهكذا لو نسي القراءة المأموم أو جهل حكمها يحسب أنها لا تلزمه فإن صلاته صحيحة ومجزئة, ولا يلزمه قضاء شيء, أما من علم حكم الله فإنه يقرأ الفاتحة بعد أن أدرك القيام, يقرؤها مع الإمام في سكوت الإمام فإن لم يسكت الإمام قرأها سراً لنفسه، ثم أنصت لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها". هذا العموم يستثنى منه من أدرك الركوع لحديث أبي بكرة. والقاعدة الشرعية أن العام يخصص بالخاص، السنة العامة تخصص بالسنة الخاصة وهكذا الآيات القرآنية العامة تخصص بالآيات المخصصة, وتخصص بالسنة أيضاً، فحديث أبي بكرة يخصص عموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" وبهذا يتضح للسائل أن الركعة مجزئة, وأنه ليس عليه القضاء. هذا هو الصواب والذي عليه جمهور أهل العلم. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عليه قضاء الركعة، ولكنه قول مرجوح لما عرفت من الأدلة والله ولي التوفيق.