حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة

سائل من مصر يسأل عن حكم الإسلام في الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة ؟

الإجابة

الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة والخطر العظيم، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق، أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها؛ لحديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ركانة فصرعه عليه الصلاة والسلام ؛ ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة إلا ما حرمه الشرع المطهر، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفا وهذا نصه:
القرار الثالث بشأن موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران[1] الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعدهK سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408 ه الموافق 17 أكتوبر 1987 م إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408 ه الموافق 21 أكتوبر 1987 م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدهما رياضة بدنية جائزة، وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الأجنبية، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز. وبعد المداولة في هذا الشأن من مختلف جوانبه والنتائج التي تسفر عنها هذه الأنواع التي نسبت إلى الرياضة وأصبحت تعرضها برامج البث التلفازي في البلاد الإسلامية وغيرها. وبعد الاطلاع على الدراسات التي قدمت في هذا الشأن بتكليف من مجلس المجمع في دورته السابقة من قبل الأطباء ذوي الاختصاص، وبعد الاطلاع على الإحصائيات التي قدمها بعضهم عما حدث فعلا في العالم نتيجة لممارسة الملاكمة وما يشاهد في التلفزة من بعض مآسي المصارعة الحرة، قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولا: الملاكمة:
يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلا في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية؛ لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاء بالغا في جسمه قد يصل به إلى العمى أو التلف الحاد أو المزمن في المخ، أو إلى الكسور البليغة، أو إلى الموت، دون مسئولية على الضارب، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى، وهو عمل محرم مرفوض كليا وجزئيا في حكم الإسلام لقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[2]، وقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[3]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)). على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر فقال له: اقتلني أنه لا يجوز له قتله، ولو فعل كان مسئولا ومستحقا للعقاب. وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية، ولا تجوز ممارستها؛ لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية كي لا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ وتحاول تقليده.
ثانيا: المصارعة الحرة:
وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به. فإن المجلس يرى فيها عملا مشابها تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة، لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجرى على طريقة المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم. وأما الأنواع الأخرى من المصارعة التي تمارس لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الإيذاء فإنها جائزة شرعا ولا يرى المجلس مانعا منها.
ثالثا: مصارعة الثيران:
وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح فهي أيضا محرمة شرعا في حكم الإسلام، لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبا بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيرا ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه وهذه المصارعة عمل وحشي يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)). فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت؟
رابعا: التحريش بين الحيوانات:
ويقرر المجمع أيضا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش، والديكة، وغيرها، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعضا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين. وقد حضر مناقشة هذا الموضوع سعادة الدكتور نجم عبد الله عبد الواحد من الكويت.

[توقيع] (نائب الرئيس) د. عبد الله عمر نصيف
[توقيع] محمد بن جبير                 [توقيع] صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
[توقيع] محمد محمود الصواف         [توقيع] محمد الشاذلي النيفر
[توقيع] محمد الحبيب بن الخوجة       [توقيع] د. بكر عبد الله أبو زيد
[توقيع] محمد بن عبد الله بن سبيل      [توقيع] أبو الحسن علي الحسني الندوي
[توقيع] أبو بكر جومى                 [توقيع] محمد سالم بن عبد الودود
[توقيع] ( رئيس مجلس المجمع ) عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[توقيع] عبد الله العبد الرحمن البسام    [توقيع] مصطفى أحمد الزرقاء
[توقيع] محمد رشيد راغب قباني       [توقيع] د. أحمد فهمي أبو سنة
[توقيع] د. طلال عمر بافقيه ( مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي )
وقد تخلف عن الحضور في هذه الدورة كل من: فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ صالح بن عثيمين، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي، ومعالي اللواء الركن محمود شيت خطاب، وفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف، وفضيلة الشيخ مبروك مسعود العوادي. [1] الدورة العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة يوم السبت 24 صفر سنة 1408ه الموافق 17 أكتوبر سنة 1987 م.
[2] سورة البقرة الآية 195.
[3] سورة النساء الآية 29.نشرت بالمجلة العربية في باب (فاسألوا أهل الذكر) - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع.