حكم الصلاة في مسجد عن شماله وخلفه قباب تشد الرحال لزيارتها

يوجد بقريتنا مسجد واحد وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال، ويطاف حولها، ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة، وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون فيه قبور عن يمينه أو شماله أو خلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى خيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله، والاستغاثة بأهلها، ودعائهم من دون الله، والطواف بها، كل هذا الأمر من المحرمات العظيمة، بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات، والاستغاثة بالأموات، من الشرك الأكبر، من عمل الجاهلية، من أعمال أبي جهلٍ وأشباهه، وهكذا الطواف بالقبور، يتقرب إليهم بالطواف، هذا من الشرك الأكبر. أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله لا يتقرب بها إلى القبر فهو بدعة منكر، ومن وسائل الشرك، لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق، بالكعبة، والطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركاً أكبر، وإن كان القصد التقرب إلى الله يظن أنه قربة هنا، فهذا كله بدعة ومنكر، باطل، لأن الطواف من خصائص البيت العتيق، ثم ليطوفوا بالبيت العتيق، المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور، وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق، كما قال الله -سبحانه-: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج:29]. والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم ولا سيما في السودان، وفي غيرها من البلاد التي فيها القبور التي تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم. وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز، بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكن ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة -رضي الله تعالى عنهما- عن كنائس الحبشة وما فيها من الصور، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا وصوروا تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله)، فاخبر أنهم شرار الخلق؛ لأنهم بنوا على القبور واتخذوا عليها صور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين أنهم شرار الخلق -عليه الصلاة والسلام-، وصح عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها. رواه مسلم في الصحيح. فلا يجوز أن يبنى على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص، ولا أن تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية، للسلام على أهلها، والدعاء على أهلها بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها، أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر، ومن وسائل الشرك، وأما دعاؤها والاستغاثة بأهلها وطلب منهم المدد فهذا كله من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان، يا سيدي فلان، المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر -نعوذ بالله-، كما يفعل ذلك عن بعض القبور كقبر البدوي والحسين في مصر، والشيخ عبد القادر في العراق، وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس، وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا ويتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله -سبحانه- ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم، حيث قال الله عنهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[الزخرف: 23]. ذمهم على هذه الحالة، فالواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم ويتبصر، يسأل أهل العلم، ولا يحتج بالعادات الجاهلية، ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله -سبحانه وتعالى-، نسأل الله للجميع الهداية.