حكم تارك الصلاة

سمعت في البرنامج أن تارك الصلاة تهاوناً كافراً كفراً مخرجاً من الملة، ولكن الشافعية يقولون في كتاب النفحات الصمدية: إنه - أي تارك الصلاة - يستتاب ويقتل ويصلى عليه، ويغسل، ويدفن في مقابر المسلمين، فما رأي سماحتكم؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد علم أن ترك الصلاة تهاوناً من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين, فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر, واختلف العلماء-رحمة الله عليهم- في حكم تاركها هل يكون كافراً كفراً أكبر, أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر؟ على قولين لأهل العلم: منهم من قال إنه يكون كافراً كفراً أصغر كما ذكره الشافعية وهكذا المالكية, والحنفية وبعض الحنابلة, وقالوا إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر وتعلقوا بالأحاديث الدالة على من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة, وهذا موحد مات على توحيد الله فلا يكون كافراً كفراً أكبر, أما إذا جحد وجوبها قال إنها غير واجبة فهذا قد أجمع العلماء على كفره من اعتقد أنها غير واجبة وقال إنها لا تجب من شاء صلى ومن شاء ترك فهذا قد أجمع علماء المسلمين على أنه كافر كفراً أكبر, الشافعية, والحنبلية, والمالكية, والحنفية وغيرهم من أهل العلم, وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاوناً فقط وهو يؤمن بوجوبها, وقال بعض أهل العلم إنه يكون كافراً كفراً أكبر وهو المنقول عن الصحابة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -, فإنه ثبت عن عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: "لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة", ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة في الميت نوع من الكفر, والبراءة من الأنساب نوع من الكفر لكنه كفر أصغر, فعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر ليس من جنس ما وردت النصوص تسميته كفراً وهو كفر أصغر, واحتجوا أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد, وأبو داود, والترمذي والنسائي, وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر), وبقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله, ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم قال: (لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة), وفي اللفظ آخر: (إلا أن تروا كفراً بواحاً), فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح في أدلة أخرى وهذا هو القول الصواب, وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأن كفر أصغر, لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس يقول الله-عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً, ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ, فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفرٌ أكبر ولو كان تهاوناً ...... جحد الوجوب, وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد, فيقال إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد يكون مات على الكفر, فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) الصلاة من حقها, ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في الصحيحين يقول - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله), ويقول-جل وعلا-عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ, فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة نسأل الله العافية, فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة تهاوناً أو جحداً لوجوبها, فمن جحد وجوبها كفر إجماعاً, ومن تركها تهاوناً وتساهلاً بها كفر في أصح قولي العلماء, فالواجب الحذر نسأل الله للمسلمين العافية والسلام. إذاً ما قيل في البرنامج هو الصحيح وهو الراجح. بارك الله فيكم. نعم هو الصواب.