قضية فتح سينما في بلاد الحرمين

السؤال: قضية فتح سينما في بلاد الحرمين

الإجابة

الإجابة: الحمد لله الواحد المتعال، ونصلي ونسلم على رسولنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ففكرة فتح دور السينما في المملكة العربية السعودية لم يكن لها ذكر على لسان مسؤول ولا كاتب ولا صحفي في عمر الدولة -وإن كانت السينما موجودة في أماكن خاصة- إلا في عام 1426ه، عندما صرّح وزير الإعلام السابق وهو في تونس بهذه الفكرة! وقد تلا ذلك كتابات صحفية تشيد بها وقد تحقق شيء من هذه الإرهاصات لذلك التوجه في ذلك العام.

وفي أيام عيد الأضحى المبارك لعام 1429ه والحجاج في المشاعر المعظمة، وقلوب المسلمين متوجهة إلى هذه البقاع في هذا الوقت، يفاجأ الناس في هذا البلد المبارك بدعوة إلى حضور عرض سينمائي بجدة والطائف!! فضجت الصحف استبشاراً بتحقق أملهم المنشود، ولا يزال هؤلاء الكتاب والصحفيون يواصلون دعوتهم لفتح دور السينما ويشيدون بفلان وفلان من المهتمين بذلك والمحترفين لهذه المهنة.

ومما زاد في البلاء ما بدر من بعض العلماء من كلمات عابرة مثل: (السينما فيها خير وشر)، أو (إنها سلاح ذو حدين) مما كان فتنة لأصحاب الأهواء.

وأما دعوة بعضهم إلى فتح دور سينما إسلامية ودعوة العلماء إلى الأخذ بزمام المبادرة في ذلك فتلك طامة لا تصدر إلا من مبطل مغالط أو متأول مغرق في التأويل! ويزيد الأمر شدة إذا أوتي بياناً وقدرة على زخرف القول مما يغلب به المبطل صاحب الحق -فلعل أحدكم يكون ألحن بحجته من صاحبه- الحديث.

وهل يقول صاحب سياسة المناعة لا المنع بهذه السياسة في المخدرات وغيرها من المحرمات؟ وهي سياسة باطلة عقلاً وشرعاً، ولهذا لا يمكن أن يستقيم على هذه السياسة المزعومة أمر أمة من الأمم، بل صاحب الدعوة إلى هذه السياسة لا يمكن أن يأخذ بها في أسرته كمن يقول بالجبر لا يمكن أن يلتزم به في نفسه ولا يستقيم عليه أمر الحياة، وعبارة سياسة المناعة لا المنع أشبه ما تكون بسجع الكهان.

.. وبعد: فمعلوم أن دور السينما إنما نشأت في البلاد العربية بكيد من النصارى أيام استيلائهم عليها، فكانت هذه الدور من أعظم العوامل في تدمير أخلاق المسلمين والمسلمات وتغريب عقولهم وإفساد دينهم، فهي أوكار للفساد والإفساد وروادها هم فسقة الأمة من الرجال والنساء، الذين فقدوا الحياء، وهان عليهم شرف الطهر والعفاف، ففتحها في بلاد الحرمين بادرة سيئة خطيرة تنذر بشر مستطير وتدل على تحول في مسيرة هذه البلاد.

هذا، ومن المعلوم أن القنوات الفضائية قد أدت وظيفة دور السينما من حيث البرامج المتنوعة المنشودة لهواة السينما، إلا أنها لا تتطلب الخروج إليها بخلاف دور السينما، فإنه لابد من الحضور في صالاتها المظلمة لمشاهدة برامجها من الرجال والنساء بصورة مختلطة، وهذه الصورة لا تكون في السينما الناشئة، لكنها الغاية لها وهي الصورة الواقعة لدور السينما في سائر البلاد الإسلامية المغرَّبة.

ولا نكون مبالغين إذا قلنا إنه لا ينتظر بعد أن تأخذ دور السينما طريقها إلى فتح حانات الخمر وما بعدها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

.. لذلك نقطع بأن فتح دور السينما حرام، يشترك في إثمها كل من أعان عليها بدعوة أو رأي أو مال، ويحمل كبر ذلك الشركات المنتجة والمؤسسون والمحترفون للمهنة، ونحن نقول ذلك تذكيراً وتحذيراً من عواقب هذا التحول المتسارع في أوضاع هذه البلاد العزيزة حرسها الله، المجتمع الذي يعد بحق أفضل المجتمعات الإسلامية عقيدة وخلقاً.

لذا يجب على ولاة الأمر وفقهم الله ونصر بهم دينه، وهم المسؤولون عن أمن هذه البلاد على الدين والأنفس والأعراض والأموال سد هذا الباب حفظاً للحرمات، وتأميناً لمستقبل الأمة، وقاها الله شر المفسدين وكيد أعداء الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.