من أحكام مياه الصرف المعالجة

السؤال: بسم الله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد، فإننا نتوجه إليكم بعدة أسئلة بخصوص مياه الصرف الصحي المعالجة سائلين الله أن ينفعنا بعلمكم، فكما تعلمون أن مياه الصرف الصحي تدخل في مراحل معالجة ثلاثية حتى تفقد معظم ملوثاتها، وتصبح مياه نقية لا لون لها ولا رائحة، ومن الممكن التحكم بدرجة ملوحتها، ومن ثمَّ فإننا نتوجه إليكم بالاستفسارات التالية:- 1 - هل هذه المياه المعالجة نجسه أم طاهرة (وهي ذات أصل النجاسة)؟ 2 - هل يجوز استخدامها للاستخدام الآدمي أو الحيوان (كشربٍ أو غسيلٍ أو كمياه لدورات المياه أو العمل بها المختبرات وغيره)؟ 3 - هل يجوز استخدامها للزراعة سواء لزراعة المحاصيل المأكولة بواسطة الإنسان أو الحيوان أو الزراعة التجميلية؟ 3 - هل يجوز الصلاة على أرضٍ رطبة مروية بمياه صرف معالجة؟ 6 - ما مدى طهارة هذه المياه إذا تم حقنها وتسريبها في باطن الأرض عبر الرمال إلى أن تصل للمياه الجوفية وتختلط بها ومن ثمَّ إعادة ضخها بواسطة الآبار واستعمالها، وإن صح استعمالها في مثل هذه الحالة ففي أي المجالات؟ سائلين الله أن يجزيكم خير الجزاء.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين وبعد.
فقد ثبت قول النبي: "الماء طهور لا ينجسه شيء" (رواه أحمد وصححه، وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع)، وهذا الحديث من أعلام نبوة النبي فإن الماء في ذاته وخاصيته طهوراً أبداً، وهو يزيل النجاسة من الماء ويحملها، ولكنه لا يتغير بها تركيبه الكيميائي، ولذلك فإنه متى فصلت النجاسة عن الماء، عاد الماء كما كان طهوراً لا ينجسه شيء. وقد قام الإجماع على أن الماء إذا غلبت عليه النجاسة التي يحملها وغيرت صفة من صفاته الثلاث (اللون، الطعم، الرائحة) فإنه يكون نجساً لا يجوز التطهر به، أما إذا كانت النجاسة يسيرة، والماء كثير، ولم تتغير صفة من صفاته، لا لونه ولا طعمه، ولا رائحته فإنه يكون طاهراً مطهراً.
وأما الماء القليل الذي وقعت به نجاسة متيقنة فإنه يكون نجساً، وإن لم تتغير أوصافه... وقد استفيد هذا من قول النبي: "إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها" (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع (718))، وللأحاديث السابقة ولقول النبي: "الماء طهور لا ينجسه شيء" نستفيد من الأحكام الآتية من عملية فصل النجاسة عن الماء بأي صورة من صور الفصل والمعالجة.
1 - الماء لا ينجس في ذاته، ولا يستحيل نجساً، وإنما تتغير صفاته بما يحمله من نجس فيكون نجساً لحمله النجاسة، ويكون طاهراً كالملح والطين والسكر والروائح الطاهرة وعصارات الأعشاب...الخ.
2 - إذا عولج الماء النجس وفصلت منه النجاسة فصلاً كاملاً عاد طاهراً مطهراً كأصل خلقته.
3 - وإذا بقيت فيه نجاسة بعد المعالجة فالحكم عليه بحسب غلبة النجاسة، فإن كانت بقاياً النجاسة مغيرة لإحدى صفاته الثلاث: اللون، الطعم الرائحة، فإنه يبقى نجساً، وإن تمت المعالجة حتى يعود الماء كما هو في أصل الخلقة فهو طهور، وإن بقي به نجاسة يسيرة لا تغير أوصافه فهو من العفو إن شاء الله تعالى.
4 - الماء المعالج الطاهر الذي فصلت منه النجاسة، وعاد طاهراً يجوز استعماله في كل ما يستعمل فيه الماء الطاهر المطهر كالغسل، والوضوء، وتطهير الثياب والأماكن.
5 - إذا كان الماء المعالج قد عولج معالجة جزئية، وبقي متغيراً أوصافه كلها أو بعضها فإن هذا يجوز استخدامه في الري والزراعة في محاصيل يأكلها الإنسان والحيوان، ولكن لا يجوز استعماله في الطهارة.
6 - إذا حقن الماء المعالج أو مياه الصرف والمجاري قبل المعالجة في الأرض مرة ثانية، وتم تسربيه خلال طبقات الأرض، ودخل إلى الآبار، فإن حكمه هو حكم المعالج، فإذا وصل إلى الآبار أو المضخات وتم رفعه، وقد فصلت عنه النجاسة فصلاً كاملاً، وعاد إلى أصل خلقته دون رائحة ودون لون أو طعم إلا طعم الماء، فهو ماء طاهر مطهر وأما إذا كان فاقداً لخواص الماء الطاهر فحكمه حكم الماء النجس.
7 - لا يخفى أن استخدام الماء في الشرب والطعام له أحكامه الخاصة، وهذا يخضع إلى العوامل الصحية فإن الماء قد ينصح باجتنابه في الشرب والطعام، إذا كانت فيه أنواع من البكتريا الضارة، أو العوالق والمذابات الضارة، ومعلوم أن مثل هذه الأشياء لا يحكم بها على عدم طهورية الماء، ولكن يحكم بها على عدم صلاحيته للشرب، وفرق بين هذا وهذا.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.