الحلف بالطلاق يرجع إلى النية

إنني متزوج بامرأة موظفة، حيث تعمل معلمة في السودان ولديها مجوهرات، وذات مرة أرادت أن تغير شكل هذه المجوهرات، وذهبت بها إلى الصائغ فأخبرتني بذلك فوافقت لها، ثم طلبت مني إيجار الصائغ، وفي تلك اللحظة لم يكن معي المبلغ الذي أرادت، وفي حالة انفعال عندما أصرت على أن أعطيها المبلغ حلفت عليها بالطلاق، وقلت لها: علي بالطلاق ثاني ما تلبسي ذهب، وبعد مدة أخبرتني بأن هذا الذهب لها وليس لأبيها، حيث أنها عملت من مالها الخاص، وأسأل الآن عن حكم يميني تلك؛ لأنها لم تلبس الذهب حتى نسمع الفتوى؟

الإجابة

إن كان المقصود من هذه اليمين أن لا تلبس ذهب أبيها خاصة ولم تلبسه فلا شيء عليها، وإن كان المقصود أن لا تلبس الذهب بالكلية من أجل غضبك عليها فإنها متى لبسته فيكون عليك كفارة يمين إذا كان قصدك منعها ليس قصدك طلاقها، إنما القصد من هذه اليمين، من الطلاق أن تمنعها من لبس الذهب، سواء كان هذا الذهب أبيها أو ذهبها الخاص، الذي ..... من أجله إذا كان المقصود منعها من ذلك، وترهيبها وتهديدها، وليس المقصود أنها متى لبست فارقتها، فإن عليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم في أصح قولي العلماء، أما إن كنت أردت فراقها وأنها متى لبست فارقتها بالطلاق فإن هذا الطلاق يقع، ويكون طلقة واحدة لك مراجعتها في العدة، لك مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كنت طلقتها قبلها طلقتين، فإن هذا الطلاق هو الثالث فليس لك رجعة بعده، إذا كنت أردت إيقاعه، أما إن كنت أردت منعها وتهديدها وتخويفها، ولم ترد إيقاع الطلاق إن لبست الذهب؛ فإنه يكون عليك كفارة اليمين لأنه يكون في حكم اليمين، وهذه الكفارة هي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، مما تطعم أهلك من تمرٍ أو أرز أو حنطة أو غير ذلك من الطعام، ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً، أو كسوة تكسو الفقراء، كل واحد يكسى قميص أو إزار ورداء يكفي، أو عتق رقبة إذا تيسرت، يعني عتق عبد أو عبدة إذا تيسر ذلك، فإن عجزت ولم تستطع هذه الأمور، فإنه يكفيك عن ذلك ثلاثة أيام تصومها، كما نص الله على ذلك في كتابه العظيم في سورة المائدة حيث قال - عز وجل- : لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ ..الآية(89) سورة المائدة، فبين - سبحانه وتعالى – أن هذه هي كفارة الأيمان، إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم أو عتق رقبة يعني مؤمنة، يعني عتق عبد مملوك أو أمةٍ مملوكة، عند وجود العبيد وتيسر ذلك، فإن لم تجد لا طعاماً ولا كسوة ولا عتقاً إذا كنت فقيراً عاجزاً عن هذه الأشياء، فإنك تصوم ثلاثة أيام عن يمينك، وهكذا هذا الطلاق حكمه حكم اليمين إذا كنت أردت به منعها، وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق عليها. فأما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لبست الذهب فإنه يقع عليها طلقة واحدة، ولك أن تراجعها في العدة قبل أن تعتد، والعدة تكون بثلاث حيض إذا كانت تحيض، فإذا حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق خرجت من العدة، ولم تصلح إلى بعقدٍ جديد، فإن كانت لا تحيض لكبر سنها أو لأسباب أخرى فعدتها ثلاثة أشهر، كما بين الله ذلك في كتابه الكريم، وأنت أعلم بنفسك وأعلم بنيتك، وعليك تقوى الله في ذلك سبحانه وتعالى.