الإجابة:
كل من الشيخين اللذين تحدثت معهما على جانب من الصواب، وهذه المسألة
ذكرها العلماء، وفصلوا القول فيها: بأنه إذا كان صاحب الحق يعلم بما
لديك من الشهادة، فلا تشهد بها حتى يطلبها صاحب الحق، فإن أديتها قبل
طلبه، وهو عالم بها، فأنت متهم. واستدلوا لذلك بقوله صلى الله عليه
وسلم: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم،... إن
بعدكم قوماً يخونون، ولا يؤتمنون، ويشهدون، ولا يستشهدون، وينذرون،
ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمن" (رواه البخاري) (1).
أما إذا كان صاحب الحق لا يعلم بأن عندك له شهادة، أو علم، ولكن نسيها
فيستحب لك أن تخبره بذلك؛ أداء لأمانة الشهادة، وقمعاً للمبطل. ويدل
لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم
بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها" (2) (رواه
مسلم).
وبهذا يحصل الجمع بين الحديثين، وتحصل المصلحة من الجانبين. وقال
الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله: الطلب العرفي، أو الحالي كالطلب
اللفظي علمها أو لا. قال في (الإنصاف): وهذا عين الصواب ويجب إعلامه
إذا لم يعلم بها وهذا مما لا شك فيه (3). انتهى.
___________________________________________
1 - البخاري (2651)، والترمذي (2222) و(2221) بنحوه، أحمد (4/ 427) من
حديث عمران بن حصين.
2 - مسلم (1719)، وأبو داود (3596)، والترمذي (2295)، وأحمد (5/ 193)
من حديث زيد ابن خالد الجهني.
3 - (الإنصاف) (12/9).