وجوب إتباع الكتاب والسنة

أنني من أسرةٍ مالكية، وذهبت إلى المملكة العربية السعودية، وتعلمت التجويد على يد أستاذ سعودي، وتحولت قراءتي من ورش إلى حفص، وأخذت بعضاً من الفقه عن طريق كتاب فقه السنة للسيد سابق، وعندما عدت إلى الوطن انتقد علي بعض الإخوة أشياء كثيرة، أولها: القبض في الصلاة، والتسليمتان بعد الصلاة عن اليمين والشمال، وكثيراً من السنن التي يطيل ذكرها، ويقولون: إن الإمام مالك لم يأمر بها ولم يذكرها، ولا أطيل عليكم، كل السؤال هو: أني أتبع سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل يجوز لي أن اتبع أحد الأئمة الأربعة أم أن أبقى على ما أنا عليه من المذهب المالكي، وتلك هي السنة فقط لا غير،

الإجابة

أسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية لما فيه صلاح الدين والدنيا، اعلم يا أخي أن الواجب على المسلمين جميعاً في أقطار المعمورة أن يتبعوا ما دل عليه كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وليس عليهم أن يتقيدوا بمذهب مالك أو أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد رحمة الله عليهم جميعاً أو الظاهرية، لا، عليهم على العلماء أن يبحثوا ويعتنوا بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه وأصحابه فما بان لهم أنه هو سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب عليهم الأخذ به والتقيد به والدعوة إليه؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، ويقول عز وجل: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه العظيم القرآن، والرد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الرد إليه في حياته عليه الصلاة والسلام، ثم إلى سنته بعد وفاته صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ويقول سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء فحكه إلى الله، ويقول سبحانه: من يطع الرسول فقد أطاع الله فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قَبَضَ، وثبت عنه هذا في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر الرجل أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو الحارث الراوي عن سهل: ولا أعلمه ينمي ذلك إلا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبت أيضاً في السنن من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبض يده اليسرى بيده اليمنى، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وجاءت أحاديث تؤيد ذلك هذا هو السنة، وإن لم يذهب إلى ذلك مالك، فالسنة أحق بالاتباع ومقدمة على مالك وعلى غير مالك، فمالك رحمه الله هو أحد العلماء وهكذا أبو حنيفة رحمه الله وهكذا الشافعي وهكذا أحمد وهكذا الثوري والأوزاعي والحافظ بن راهويه، وهكذا غيرهم من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، كلهم تعرض أقوالهم وأعمالهم ومسائل مذاهبهم كلها تعرض على الكتاب والسنة، هكذا يجب على أهل العلم الذين أعطاهم الله بسطة في العلم والبصيرة، وإذا هداه الله إلى شيء من السنة فليتمسك بذلك وهكذا التسليمتان، ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يسلم تسليمتين، فالمشروع لنا أن نسلم تسليمتين وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبهما وبعضهم إلى أنهما ركن، والجمهور على تسليمة واحدة ولكن الأرجح أن يسلم تسليمتين عملاً بالسنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونسأل الله لنا ولهم التوفيق. ونوصيك بالبقاء على ما عرفت من السنة، نوصيك أيها الأخ بالبقاء على ما عرفت من السنة، وأن تنصح إخوانك في مورتيانيا وغيرها بأن يعتنوا بالسنة، ولا يجوز أن يكون في قلوبهم شيء بعد الله أعظم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا يجوز للمؤمن أن يكون في قلبه شيء بعد الله عز وجل، أعظم من رسول الله، فهو قدوة لنا وهو الإمام وهو السيد المتبع عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لعالم أو غير عالم أن يكون في قلبه شيء أعظم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الله، فالله هو المعظم جل وعلا فوق كل أحد ولكن بعده سبحانه وتعالى أعظم الناس وأولاهم بالاتباع وأولاهم بالتعظيم الجائز شرعاً هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو الإمام المتبع عليه الصلاة والسلام. أيها الأخوة في الله باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء....