ما حكم التمذهب وكيف يعمل في الخلاف

اختلط علي أمر المذاهب والناس يسألون دائماً من أي مذهب أنت؟ وسؤالي: هل يجب على المسلم أن يتقيد بمذهب من المذاهب، وقد علمت بقراءاتي أن في المذاهب خلاف، فمثلاً في الرضاعة، وجدت أن المذهبان أبي حنيفة ومالك يحرمان بمجرد الرضعة، بينما الشافعي وأحمد لا يحرمان إلا بخمس رضعات، فكيف يحتكم الإنسان المسلم في هذه الخلافات إذا أراد شاب أن يتزوج بفتاة رضعت رضعة واحدة من أمه؟

الإجابة

المذاهب المعروفة مذاهب الحق: الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد كلها مذاهب تدعو إلى الحق ، وتلتزم الحق ، وهي مذاهب أهل السنة والجماعة لكن قد يقع للعالم بعض الغلط في بعض المسائل من الأئمة الأربعة وغيرهم ، وليس الواحد منهم معصوماً ، قد تخفى عليه بعض السنة وقد لا يبلغه الحديث الصحيح من طريق يثبت عنده، فلهذا يقع بعض الغلط في بعض المذاهب. وإذا اختلفت في المذاهب فالواجب تحكيم الدليل ، فأهل العلم ينظرون في الدليل ثم يرجحون ما يقتضيه الدليل في مسائل الخلاف ، وطالب العلم الذي لا يصل إلى هذا الحد يسأل أهل العلم ، وهكذا العامي يسأل أهل العلم عما يقتضيه الشرع المطهر مثل الرضاعة إذا وجد من ارتضع من أم أمك رضعة واحدة أو رضعتين تسأل أهل العلم ، والصواب في هذا قول من قال بالخمس؛ لأنه دل عليه الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآية في إطلاق الرضاعة، والأحاديث الأخرى التي فيها إطلاق الرضاعة تحمل على المقيد ، على القاعدة المتبعة في الأصول أن المطلق من النصوص يحمل على المقيد، وقد ثبت من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ­صلى الله عليه وسلم- قال لسهلة بنت سهيل : (أرضعي سهل خمس رضعات تحرمي عليه). وثبت أيضاً من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت : كانت فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمسٍ معلومات ، وتوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك) أخرجه مسلم في الصحيح في الترمذي وهذا لفظه. هذا هو الحَكَم عند النزاع ، الحكم هو السنة ، فإذا صحت السنة في شيء وجب الأخذ به وترجيح القول الذي يوافق السنة، وفي هذه المسألة من قال بالخمس فقوله هو الموفق للسنة، ومن قال: تكفي رضعة واحدة أو رضعتان أو ثلاث فقوله مرجوح ، وهكذا المسائل الخلافية؛ لأن الله قال : فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. وقال سبحانه : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [(10) سورة الشورى]. فإذا اختلف الناس في شيء وجب رده إلى الكتاب والسنة ، وأهل العلم هم الذين ينظرون في ذلك، وهم الرادون للكتاب والسنة فإذا نظروا في الأدلة وجب ترجيح ما قام عليه الدليل ، والعامي يسأل وطالب العلم القاصر الذي لم يبلغ درجة المجتهدين والعارفين بدرجات السنة يسأل العلم ويتحرى في أهل العلم من هو أقرب إلى العلم وفضله، ومن هو أقرب إلى أهل السنة؛ لأن هذا هو واجبه وهذا جهده. ولا يجب أن يلتزم الإنسان بمذهب معين بل يتحرى الحق ويسأل عن الحق فمتى وجد الحق أخذ به سواء كان مع مالكٍ أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو غيرهم من أهل العلم في المسائل الخلاف.