حكم الزيادة التي يعطيها البنك لمن يستلم راتبه من عنده

الموظفون في تونس يتسلمون رواتبهم عن طريق الحسابات الجارية بالبريد أو البنك بصورة إجبارية، فلا تدفع الرواتب إلا بهذه الصورة، تسهيلاً لعملية الدفع، ونتيجة لهذا يسلِّم البنك أو البريد لصاحب كل حساب مبلغ زائداً في نهاية كل سنة، يزيد أو ينقص حسب كمية ومدة بقاء المبلغ في الحساب الجاري، فهل يصح أخذ هذا المبلغ الزائد أم يعتبر رباً ومالاً حراماً؟ وما وجه حرمته إن كان كذلك؟ وكيف يتخلص منه؟

الإجابة

إذا لم يكن على اتفاق وإنما هو شيء بذله البنك الذي تحول من طريقه الرواتب. أعطى الموظفين هذه الزيادة من دون مشارطة ولا اتفاق بينه وبين الدولة ولا بينه وبين أهل الرواتب، وإنما هو شيء منه من نظره؛ لأنه انتفع بها واستفاد منها فهذا لا يضر ولا حرج على صاحب الراتب في أخذه. أما إن كان عن اتفاق بينه وبين الدولة إلى أنه تحول من طريقه كالرواتب وأنه يعطي بدلاً منها من هذه الرواتب يعطي زيادة في مقابل انتفاعه بها فإذا حوله من طريقه مثلاً مائة ألف دولار أعطى أهلها مع المائة ألف، ألف دولار زيادة باتفاق بينه وبين الدولة أو بينه وبين الموظفين لو كان الأمر باختيارهم فهذا يكون من الربا. أما شيء ليس باختيار الموظفين وليس من عمل الدولة لم تشرط عليهم الدولة هذا الشيء وإنما هم بذلوه فقط من أجل أنهم انتفعوا بهذه الدولارات أو بهذه الدراهم أو الجنيهات أو نحو ذلك، فهذا لا بأس به مثل ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن خيار الناس أحسنهم قضاءً) الذي انتفع بمالك وأعطاك شيئاً من نفسه عن طيب نفس من دون شرط فلا حرج في ذلك فلو أنك أقرضت إنساناً مائة ألف قرضاً حسناً من دون مشارطة شيء، ثم لما قطعت المبلغ زادك شيئاً مكافئة حسنة شكراً لك على إقراضك إياه، فهذا لا حرج فيه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن خيار الناس أحسنهم قضاءً). وقد اقترض النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين ألفاً فرد ثمانين ألفاً كما ذكر ذلك ابن القيم، وجماعة. فالحاصل أنه إذا كان القرض ليس فيه مشارطة وإنما أقرضته شيئاً فلما قضاك زادك، فهذا لا بأس به أما أن يعطيك قبل الوفاء حتى تمهله فهذا لا يجوز، أو تشرط عليه قبل ذلك أنه يعطيك كذا وكذا هذا ربا أما إذا كان عند الوفاء أعطاك شيئاً من دون شرط ولا اتفاق ولا تواطأ فهذا ليس من الربا في شيء وإنما الربا الذي نهى عنه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاءت السنة به وجاء القرآن به أيضاً هو الشيء المتواطئ عليه، والمتفق عليه أنك تؤجله ويعطيك زيادة على التأجيل أو يهدي لك هدايا حتى تمهله حتى تؤخر كما قال عبد الله بن سلام وزيد بن ثابت وابن مسعود وجماعة قالوا: إذا كان لك على شخص دين فأهدى إليك حمل قت أو كذا أو كذا فلا تقبله فإنه ربا. لأنه إنما أهدى إليك حتى تمهله حتى تنظره، فكأنه يقول أمهلني ولك كذا وكذا، فهذا من ربا الجاهلية. أما هو لما قضى دينك لما أعطاك وأوفاك زادك من عنده شيئاً من دون مواطئة منك ولا شرط منك بل مجرد إحسان منه مجرد مكافئة فلا حرج في ذلك وهكذا هؤلاء الذين تحول لكم الرواتب من طريقهم إن أعطوكم ذلك من دون مشارطة ولا تواطأ لا منكم ولا من الدولة فلا حرج في ذلك. بارك الله فيكم