أصحاب الكهف، وأصحاب الصخرة

ما هو القول الصحيح في عدد أهل الكهف، وهل هم أصحاب الصخرة، أم أنهم غيرهم، فإن كان كذلك فمن هم إذن أصحاب الصخرة؟ وما هي قصتهم؟

الإجابة

أهل الكهف بيَّنهم الله في كتابه العظيم، والأقرب كما قال جماعةٌ من أهل العلم أنهم سبعة وثامنهم كلبهم هذا هو الأقرب والأظهر، وهم أناسٌ مؤمنون فتيةٌ آمنوا بربهم وزادهم الله هدىً وفارقوا قومهم من أجل الشرك والكفر، ثم توفاهم بعد ذلك بعدما ناموا المدة الطويلة، توفاهم الله بعد ذلك على دينهم الحق، هؤلاء هم أهل الكهف كما بينهم الله في كتابه، فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدىً، وناموا النومة الطويلة بإذن الله، ثم ماتوا بعد ذلك وبنى عليهم بعض أهل الغلبة هناك منهم من الأمراء والرؤساء مسجداً، وقد أخطأوا في ذلك وغلطوا، القبور لا يبنى عليها، الرسول-صلى الله عليه وسلم -نهى عن ذلك وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وحذر من البناء على القبور وتجصيصها، واتخاذ المساجد عليها، كل هذا نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم- ولعن من فعله، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور مساجد ولا قباباً ولا غير ذلك، بل تكون القبور ضاحية، ضاحية للشمس والأمطار ليس عليها بناء لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، هكذا كانت قبور المسلمين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم-، وفي عهد الخلفاء الراشدين، حتى غيَّر الناس بعد ذلك وبنوا على القبور وهذا من الجهل والغلط، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: (حجروا ما صنعوا)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- لما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة في أرض الحبشة لما كانتا في أرض الحبشة عن كنيسة فيها تصاوير قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، ثم قال: أولئك شرار الخلق عند الله). فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب بناؤهم على القبور واتخاذهم الصور عليها، نسأل الله السلامة. وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه جندب في صحيح مسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، فنهى - صلى الله عليه وسلم- عن اتخاذ القبور مساجد وحذر من هذا، وبين أنها من عمل من كان قبلنا عمل مذموم، فلا يجوز للمسلمين أن يتخذوا قباباً ولا مساجداً على قبور أمواتهم بل هذا منكر ومن وسائل الشرك. سؤالها عن أصحاب الصخرة؟ أما أصحاب الصخرة فهم أناسٌ خرجوا يتمشون فآواهم المبيت والمطر إلى غار في جبل، فلما دخلوا انحدرت عليهم صخرة وسدت عليهم باب الغار، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم التي فعلتوها لله، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، -الغبوق سقي اللبن، الحليب-، فناء به في طلب شيء ذات ليلة، فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئاً لا يستطيعون معه الخروج. ثم قال الثاني: اللهم إنه كان لي ابنة عم كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال للنساء وإني أردتها عن نفسها فأبت، فألمت بها سنة يعني حاجة في بعض السنين، فجاءت إلي تطلبني فقلت لها لا حتى تمكنيني من نفسك، فوافقت على ذلك على مائة وعشرين دينار، فسلمها لها، فلما جلس بين رجليها قالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام خوفاً من الله وتركها، وترك الذهب لها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة أيضاً لكن لا يستطيعون الخروج. ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيت كل أجيرٍ حقه إلا أجير واحداً كان ...من أرز فتركه، فثمرته له حتى اشترى منه رقيقاً وإبلاً وبقراً وغنماً، فجاء بعد ذلك وقال أعطني حقي، فقلت: يا عبد الله كل هذا من حقك، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت له: إني لا أستهزئ بك، فقال: كل هذا من حقك، فأخذه واستاقه جميعاً، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون. هذا دليلٌ على أن الله على كل شيءٍ قدير، وأنه - سبحانه وتعالى – يبتلي عباده في السراء والضراء، وهذا الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو حديث صحيح فيه عبرة، وفيه إرشادٌ إلى الضراعة إلى الله، والسؤال عند الكروب والشدات، وأنه - سبحانه وتعالى – قريبٌ مجيب، يسمع دعاء الداعي ويجيب دعوته إذا شاء - سبحانه وتعالى -، وأن الأعمال الصالحات من أسباب تفريج الكروب، ومن أسباب تيسير الأمور ومن أسباب إزالة الشدة. والمؤمن إذا وقع في الشدة يضرع إلى الله، ويسأله ويتوسل إليه بأعماله الصالحة بإيمانه بالله ورسوله، بتوحيده وإخلاصه لله، هذه هي الأسباب وهذه هي الوسائل الشرعية، والله - سبحانه – من فضله وإحسانه يجيب دعوة المضطر ويرحم عبده المؤمن، ويجيب سؤاله كما قال - سبحانه وتعالى -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(186) سورة البقرة. وهو القائل- سبحانه وتعالى -:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(60) سورة غافر.وهو القائل -عز وجل-:أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ(62) سورة النمل. فهؤلاء مضطرون نزل بهم أمرٌ عظيم وكربة شديدة، فسألوا الله بصالح الأعمال فأجاب الله دعائهم، وفي هذا من الفوائد: فضل بر الوالدين، وأن بر الوالدين من أفضل القربات، ومن أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، وهكذا العفة عن الزنا، والحذر من الزنا من الأعمال الصالحات، ومن أسباب تفريج الكروب، ومن أسباب النجاة من كل شدة، وهكذا أداء الأمانة والنصح في أداء الأمانة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب ومن أفضل الأعمال الصالحات، فهذه الأعمال الصالحة من أسباب النجاة في الدنيا والنجاة في الآخرة. هل يعلم الزمان الذي حدثت فيه هذه القصة؟ هذا كان فيمن قبلنا، قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الزمان فلا نعلم، لكنه فيمن قبلنا، قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام.