سفر المرأة للأعمال الرسمية

السؤال: رجتت بعض المصالح إلى إرسال موظفيها إلى الخارج لتلقي الدورات التدريبية، وأنتم تعلمون أن أغلب هذه المصالح تعمل بها نساء وفي أماكن مسؤليات كبيرة حسب الوظائف والدرجات العلمية، فيتم إرسالهم إلى الخارج لتلقي الدورات التدريبية مع الزملاء بالمصلحة أو بمفردها، فهل يجوز ذلك مع العلم إن تم الرفض سوف تُحرم من أشياء كثيرة أو حتى من وظيفتها، وهي في احتياج لها، ولن تجد وظيفة أخرى إن فقدت هذه، وأيضاً تتم مأموريات داخلية. وإن كان هذا لا يجوز فأين الدولة -لأن باب السفر عبر المطار مفتوح للكل-؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر إلا مع زوج أو محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع محرم" (متفق عليه)، ويستوي في ذلك أن يكون سفرها على نفقتها أو ابتعاثاً من الدولة، ولا يستثنى من هذا الحكم إلا حالات مخصوصة نصَّ عليها العلماء منها:
1- أن تخرج المرأة مهاجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام كما فعلت أم كلثوم بنت عقبة، وفيها نزل قوله تعالى: {إذا جاءك المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ}، قال الحافظ رحمه الله: "واستدل به -أي الحديث السابق ذكره- على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك"أ.ه.

2- أن تخرج لحجة الفريضة مع رفقة مأمونة لقوله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن ترى الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت ليست في جوار أحد إلا الله".

3- أن تسافر لضرورة تتعلق بحياتها كمن تسافر للعلاج من مرض عضال وليست لها محرم أو زوج يصحبها، أو لا تجد إلا نفقة سفرها وحدها. قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}، وقال سبحانه: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}. ونصَّ أهل العلم على أن الضرورات تبيح المحظورات، وعلى أنّ المشقة تجلب التيسير.

هذا، والواجب على كل امرأة أن تتقي الله في نفسها، وتلتزم أحكام الشرع في حلها وترحالها، وتعلم يقناً أنّ شريعة الله عز وجل ما جاءت إلا لتحقيق المصالح في المعاش والمعاد، وحيثما كان شرع الله ودينه فثمت المصلحة، والواجب على من ولاّه الله الأمر أن ينفذ هذا الحكم، فلا يبيح سفر المرأة إلا مع محرمها أو زوجها إلا الحالات المخصوصة.

تنبيه:
في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم"، وفي رواية: "ثلاثاً"، وفي رواية: "فوق ثلاث"، وفي رواية: "ثلاثة"، وفي رواية: "يومين من الدهر"، وفي رواية: "مسيرة يومين"، وفي رواية: "مسيرة ليلة"، وفي رواية: "مسيرة يوم"، وفي رواية: "ولا تسافر بريداً"، والبريد مسيرة نصف يوم.
قال العلماء: "اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد". قال البيهقي: "كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يوماً فقال: لا. وكذلك البريد فأدى كل منهم ما سمعه". وقال النووي: "فالحاصل أنّ كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم", والعلم عند الله تعالى.



نقلاً عن شبكةالمشكاة الإسلامية.