سئل عن جماعة اختلفوا في قضاء الله وقدره

السؤال: سئل عن جماعة اختلفوا في قضاء الله وقدره

الإجابة

الإجابة: ما تقول السادة أئمة المسلمين في جماعة اختلفوا في قضاء الله وقدره، وخيره وشره،منهم من يرى أن الخير من الله تعالى والشر من النفس خاصة‏؟‏ ‏.‏

فأجاب الشيخ رضي الله عنه ‏:‏

مذهب أهل السنة والجماعة‏:‏ أن الله تعالى خالق كل شيء، وربه ومليكه لا رب غيره ولا خالق سواه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، والعبد مأمور بطاعة الله، وطاعة رسوله، منهي عن معصية الله، ومعصية رسوله، فإن أطاع كان ذلك نعمة، وإن عصى كان مستحقاً للذم والعقاب، وكان لله عليه الحجة البالغة، ولا حجة لأحد على الله تعالى وكل ذلك كائن بقضاء الله وقدره ومشيئته وقدرته، لكن يحب الطاعة ويأمر بها، ويثيب أهلها على فعلها ويكرمهم، ويبغض المعصية وينهي عنها، ويعاقب أهلها ويهينهم‏.‏

وما يصيب العبد من النعم، فالله أنعم بها عليه، وما يصيبه من الشر فبذنوبه ومعاصيه، كما قال تعالي ‏:‏‏{‏‏وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏30‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏79‏]‏ أي‏:‏ ما أصابك من خِصْب ونَصْر وهُدى فالله أنعم به عليك، وما أصابك من حزن وذل وشر فبذنوبك وخطاياك، وكل الأشياء كائنة بمشيئة الله وقدرته وخلقه، فلابد أن يؤمن العبد بقضاء الله وقدره، وأن يوقن العبد بشرع الله وأمره‏.

‏‏ فمن نظر إلى الحقيقة القدرية وأعرض عن الأمر والنهي والوعد والوعيد، كان مشابهاً للمشركين، ومن نظر إلى الأمر والنهي، وكذب بالقضاء والقدر كان مشابهاً للمجوسيين، ومن آمن بهذا وبهذا، فإذا أحسن حمد الله تعالى وإذا أساء استغفر الله تعالى وعلم أن ذلك بقضاء الله وقدره،فهو من المؤمنين، فإن آدم عليه السلام لما أذنب تاب فاجتباه ربه وهداه، وإبليس أصر واحتج، فلعنه الله وأقصاه، فمن تاب كان آدمياً، ومن أصر واحتج بالقدر كان إبليسياً، فالسعداء يتبعون أباهم، والأشقياء يتبعون عدوهم إبليس‏.‏

فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم،صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين يا رب العالمين.



مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد الثامن.