إذا تأخر إمام المسجد هل يصلون؟

السؤال: سائل يسأل عن إمام مسجد يتأخر بعض الأحيان، وبعض الجماعة لا خبر عندهم، فإذا رأوه تأخر -ولو قليلا- قام رجل منهم فصلى بالجماعة بدون إذن من الإمام، ولا رضاه. فهل تصح صلاتهم والحال ما ذُكر؟

الإجابة

الإجابة: ينبغي للإمام أن يكون رحب الصدر، طيب النفس، وأن يأذن للجماعة إذا تأخر أن يصلوا، فإما أن يعين له نائبا، أو يأذن لهم بأن يختاروا أمثل الحاضرين يصلي بهم إذا تأخر؛ لأن الإنسان ضعيف، وقد يعرض له ما يؤخره؛ فينحبس الناس في المسجد ويتضايقون بسببه. فإن لم يفعل، فلا يجوز لأحد أن يفتات عليه ويصلي بالناس بدون إذنه، أو عذره؛ ولهذا قال الفقهاء: ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه، أو عذره؛ لأن الإمام الراتب كصاحب البيت. وهو أحق بالإمامة من غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤمن الرجل في بيته إلا بإذنه" (1)، ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه.

فإن صلوا في مثل هذه الحال، فقد اختلف كلام العلماء في صحة صلاتهم. فقال بعض العلماء: لا تصح صلاتهم. وهو ظاهر كلام الأصحاب، ذكره في (الفروع) (2)، و(المبدع)، ومعناه في (التنقيح)، وجزم به في (المنتهى) (3)، وقال آخرون: بل تصح صلاتهم مع الكراهة. قدمة في (الرعاية)، وجزم به ابن عبد القوي في الجنائز.

فإن لم يُعلم عذره انتظروا وراسلوه -مع سعة الوقت وقُرْب محله وعدم المشقة- ليحضر، أو يأذن، أو يُعلم عذره. فإن تأخر وضاق الوقت، أو بَعُدَ محله، أو شق الذهاب إليه، أو لم يُظن حضوره، أو ظُنّ حضوره ولا يَكْره ذلك، صلوا كصلاة أبي بكر بالناس حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم عنهم في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم (متفق عليه) (4)، وفعل ذلك عبد الرحمن ابن عوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحسنتم" (رواه مسلم) (5)، والله أعلم.

___________________________________________

1 - نحوه عند مسلم (673).
2 - (1/ 581).
3 - انظر (شرح منتهى الإرادات) (1/ 246).
4 - البخاري (684)، ومسلم (421) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.
5 - مسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.