بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذا القبر المسؤول عنه لا نعرف له أصلاً ، ثم لو عرف فإن البناء على القبور، وتخصيص يوم معين لزيارتها، واتخاذها أعياد أمر منكر، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبوراً). فلا يجوز أن تعظم القبور بالبناء عليها واتخاذها مساجد ، ولا باتخاذها أعياداً يجتمع إليها في السنة مرة أو مرتين ، كل هذا مما أحدثه الناس ، وإنما المشروع أن تزار حينما ييسر الله من الأيام ، من غير تحديد يوم معين ، تزار ويدعى للميت ويترحم عليه؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة). تذكره بالموت ، فيزروها المؤمن ، يزورها الرجل ، أما النساء فمنهيات عن زيارة القبور ، لكن يزورها الرجل ويسلم على المقبور، ويدعو له بالمغفرة والرحمة ، هذا هو المشروع من دون شد رحل ، أما شد الرحال فلا يجوز شد الرحال إلى القبور ، وإنما تشد الرحال إلى المساجد الثلاثة فقط: المسجد الحرام ، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى ، هكذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى). أما شد الرحال لقبر معين، أو لقبور معينة ، فهذا منكر وخلاف السنة ، ثم قصد القبور للدعاء عندها ، أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها أيضاًَ منكر ، ومن وسائل الشرك ، فلا تتخذ محلاً للدعاء والصلاة والقراءة ، بل هذا من نوع اتخاذها مساجد ، فلا يجوز ، ولا يجوز البناء عليها ، لا بقبة ولا بسقف ، لا يتخذ قبر مصلى ، ولا يبنى عليه قبة ، ولا يفرش، ولا يطيب ، لأن هذه من وسائل الشرك، ومن وسائل الغلو فيه ، فلا يجوز هذا العمل الذي ذكره السائل، من قصد القبر وتغسيله وتعظيمه ، والاجتماع عنده ، والتبرك به ، كله من المنكرات التي حرمها الله - عز وجل- ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وقال : (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). فلا يجوز أن تتخذ مساجد ، ولا أن يبنى عليها، ولا يصلى عندها ، وقد قال أيضاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة). فدل على أن القبور ليست محل مساجد ، ولا محل قراءة ، وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- : أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها ، وعن البناء عليها. رواه مسلم في الصحيح. فالقبور لا يُبنى عليها ، لا قبة ولا غيرها ، ولا يبنى عليها مسجد ، ولا تتخذ محلاً للدعاء والصلاةs0 ، ولكن تزار من البلد من دون شد رحل ، يزورها أهل البلد، أو المارّ عليها فيسلم عليها فيسلم عليهم ويدعو لهم ويستغفر لهم ، وفيها عبرة وذكرى، بالزيارة يذكر الموت ، ويذكر الآخرة ، ويذكر ما صار إليه هؤلاء الأموات، فيستعد للقاء الله - عز وجل- ، هذا هو المشروع ، فينبغي الحذر مما أحدثه الجهال ، ومما يفعله الجهال من الغلو في القبور، ودعاء أهلها والاستغاثة بهم ، والنذر لهم ، وطلبهم المدد ، فإن هذا من الشرك الأكبر ، والذي يقول : يا سيدي فلان المدد المدد، الغوث الغوث ، اشفي مريضي، انصرنا على أعداءنا ، هذا من الكفر والشرك الأكبر؛ إنما يطلب من الله، هو الذي يمد العباد ، هو الذي ينصرهم ، هو الذي يشف المرضى - سبحانه وتعالى- ، أما الميت فليس عنده قدرة ، لا يشفي نفسه، ولا يشفي غيره، فدعاؤه، والاستغاثة به، والنذر له، والذبح له، وطلب المدد، كل هذا من عمل الجاهلية، ومن الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، - والله المستعان-.