قص ما زاد عن القبضة من اللحية

السؤال: ما حكم قص ما زاد عن القبضة من اللحية ؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله

سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية قولية وفعلية ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بإعفاء اللحى وتوفيرها وتركها وافية ، فروى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى » رواه البخاري (5443) ومسلم(600) ، وفي رواية « خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى » رواه مسلم(602) وروى مسلم (383) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس »

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/136) : ومعنى إعفاء اللحية تركها لا تقص حتى تعفو أي تكثر . هذا هديه صلى الله عليه وسلم في القول ، أما هديه في الفعل فإنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ من لحيته ، وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها » وقال الترمذي هذا حديث غريب ( الترمذي : 2912 ) وهذا الحديث في سنده عمر بن هارون وهو متروك كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب ، وبذلك يعلم أنه حديث لا يصح ولا تقوم به حجة في معارضة الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها .
أما ما يفعله بعض الناس من حلق اللحية أو أخذ شيء من طولها أو عرضها فإنه لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بإعفائها . والأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد صارف لذلك عن أصله ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك . اه .

قال الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - القص من اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: « وفّروا اللحى » ، « أعفوا اللحى » ، « أرخوا اللحى » فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتباع هديه صلى الله عليه وسلم ، فلا يأخذن منها شيئا ، فإن هدي الرسول ، عليه الصلاة والسلام، أن لا يأخذ من لحيته شيئا، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله .
فتاوى ابن عثيمين(11/126)

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية استدلالا بفعل ابن عمر رضي الله عنه ، فقد روى البخاري (5892) : ( وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه )

قال الشيخ ابن باز : من احتج بفعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج ما زاد على القبضة . فهذا لا حجة فيه ، لأنه اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما ، والحجة في روايته لا في اجتهاده . وقد صرح العلماء رحمهم الله : أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الحجة ، وهي مقدمة على رأيه إذا خالف السنة .
فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز :(8/370)

وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في رسالته تحريم حلق اللحي ص (11) : " ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد عن القبضة لفعل ابن عمر ، وأكثر العلماء يكرهه ، وهذا أظهر لما تقدم ، وقال النووي : والمختار تركها على حالها وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلا ... وقال في الدر المختار : وأما الأخذ منها وهي دون القبضة فلم يبحه أحد . اه اختصار

هذا وصلى الله على نبينا محمد .