التطوع قبل قضاء رمضان

السؤال: هل يجوز لي صوم التطوع - الخميس والاثنين - وأنا عليَّ قضاء? 

الإجابة

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فقول الأخ السائل: وأنا عليَّ قضاء، يحتمل أن يكون مقصوده أن ينوي صيام التطوع أيام الاثنين والخميس حال تلبسه بصيام قضاء، أو يقصد التطوع قبل قضاء ما عليه من صيام.

فإن كانت الأولى، فإن تلك المسألة تُعرَفُ عند أهل العلم بِمسألة تشريك النية، وهي الجمع بين عبادتَيْنِ من جنسٍ واحدٍ، بنيَّة واحدة.

وقد أجازه الجمهور في العبادات الَّتِي مبناها على التداخل؛ كغُسْلَيِ الجمعة والجنابة، أو الجنابة والحيض، وهكذا.

وكذلك في العبادات غير المقصودة بذاتِها، مثل: تحيَّة المسجد، والركعتين بعد الوضوء؛ حيث يُجْزِئُ عنهما صلاةُ فرض، أو سُنَّة أخرى؛ لأنَّ المقصود هو شغل المكان بالصلاة، والصلاة عقب الطهارة، دون قصدِ صلاةٍ معيَّنة، وقد حصل.

أمَّا تشريك النية في العباداتِ المقصودة بذاتِها، كصلاة أربع ركعات عنِ الظُّهر وسنته، فلا يصحُّ، وسواء كان التشريك بين فرضَيْنِ، أو فرض وسنة، أو سُنَّتين.

فلا يصح صيام أيَّامٍ بنيَّة الكفَّارة والقضاء، أو المنذور مع الستَّة من شوَّال بنيَّة واحدة؛ لأن القضاء والنذر والستة من شوال - كلها - عبادات مستقلَّة، ومقصودة لذاتِها، ولعدم وجود دليلٍ صحيحٍ على أصل مسألة التَّشريك.

قال الزركشي في "المنثور من القواعد الفقهية": "قال المرعشي: تشريك النِّيَّة مع الفرض، لا يجوز، إلا في خَمسة مسائل: الحج الواجب إذا قرنه بعمرة تطوُّع, ومن توضَّأ يريد الوضوء، والتَّبرُّد، ومن اغتسل للجنابة، والجمعة, والإمام ينوي الخروجَ من الصلاة، والسلامَ على المأمومين، فيجوز، والمأموم ينوي الخروج منها، والردَّ على الإمام، فيجوز".

وعليه؛ فمن كان عليه صيام قضاء، فلا يصحُّ أن يجمع معه صوم التَّطوُّع بنيَّة واحدة، لأنَّ كلاًّ منهما عبادة مقصودة بذاتها، ولا تندرج إحداهُما تحت الأخرى.

أما إن كان يقصد جواز التطوع قبل قضاء ما عليه من صيام، فهي مبنية على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، والراجحُ جواز التطوع وصحته قبل القضاء، ما لم يضق الوقت عن القضاء ودخل شهر شعبان التالي؛ لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنْ النَّبِيِّ، أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (متفق عليه).

قال النووي: "ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير السلف والخلف، أن قضاء رمضان في حق من أفطر بعذر، كحيض وسفر يجب على التراخي، ولا يشترط المبادرة به أول الإمكان". انتهى.
هذا؛ والله أعلم.