الواجب هجر تارك الصلاة إذا لم يستمع للنصيحة

يزورونا أحياناً بعض الناس التاركين للصلاة، ولكني دائم النصيحة لهم والإلحاح عليهم، ومع ذلك لم ترق قلوبهم، فهل لهم علي حق الضيافة، وماذا علي أن أفعل نحوهم؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

قد أحسنت في نصيحتهم، وأمرهم بالمعروف وإرشادهم إلى الخير، وإذا لم يتوبوا ولم يرعووا، فالواجب هجرهم، وعدم إجابة دعوتهم، وعدم دعوتهم إلى بيتك، وعدم اتخاذهم أصحاباً وأصدقاء، ومنعهم من الزيارة؛ لأنهم حينئذ قد ارتكبوا جريمة عظيمة، وهي الكفر بالله، فإن ترك الصلاة كفر بنص الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والصحيح أنه كفرٌ أكبر هذا هو الصحيح من قولي العلماء، فالحجة في ذلك ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وخرج الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، فهؤلاء الذين عرفتهم بترك الصلاة وقد تكرر منك النصح لهم ثم لم يستجيبوا فإنهم جديرون بالهجر والإنكار، وإظهار البغضاء والعداوة لهم، حتى يرجعوا عن باطلهم، وليس لهم عليك حق الضيافة إذا جاءوا إليك؛ لأنهم مرتدون بهذا العمل، وقد نصحتهم وكررت عليهم فلا وجه للزيارتهم لك بعد ذلك، وليسوا ضيوفاً، هؤلاء معاندون أرادوا بذلك إيذائك بهذه الزيارة التي أنت تكرههم من أجل ما هو عليه من الباطل، بخلاف الضيف الكافر الذي لم يتقدم له النصح، ولم تحدث بينك وبينه مذاكرة بهذا الأمر، فهذا له حق الضيافة مع النصيحة، أما إنسان قد نصحته ووجهته إلى الخير وأمرته بالمعروف ونهيته عن المنكر ثم يصر على الباطل، ويأتي إليك، فهذا لا حق له عليك، بل حقه عليك أن تنكر عليه، وأن تهجره حتى يتوب إلى الله من عمله السيئ، ولعل الله -جل وعلا- يهديه بأسبابك، فيكون لك مثل أجره، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- في أقل من هذا، فإن كعب بن مالك -رضي الله عنه- الأنصاري وصاحبيه لما تخلفوا عن غزوة تبوك وهم قادرون على المشاركة في الغزو، وقد أبلغوا وعرفوا وجوب النفير فتخلفوا بدون عذر، فهجرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون خمسين ليلة، حتى تاب الله عليهم، فكيف بحال من ترك الصلاة عمداً بغير عذر شرعي، وبغير حق، بل لمجرد التساهل والتهاون في أمرها، فهو جدير بالهجر وجدير بالعداوة والبغضاء، والواجب على ولاة الأمر إذا كانوا مسلمين الواجب عليهم إقامة الحد على هذا الصنف من الناس، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، كما قال الله -عز وجل-: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ[التوبة: 5]، فدل على أن من لم يرجع إلى الصلاة ولم يقم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يقتل بعد الاستتابة، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-: (إن نهيت عن قتل المصلين)، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -عز وجل-) متفق على صحته. والخلاصة أن من ترك الصلاة عمداً عدواناً من غير جحد لوجوبها فإنه يكون كافراً بأصح قولي العلماء، وعلى ولي أمر المسلمين استتابته فإن تاب وإلا قتل كافراً في أصح أقوال أهل العلم. أما إن كان جاحداً لوجوبها لا يؤمن بأنها فرض فإنه يكفر بذلك عند جميع العلماء، ولو صلى، متى جحد الوجوب كفر إجماعاً ولو فعلها، نسأل الله العافية والسلامة.