وضع الكفارات والنذور في صناديق خاصة بالأولياء والأضرحة

ورد في بعض المجلات الناطقة باسم الإسلام مقال جاء فيه: إن بعض المسلمين يُنذرون إن حصل لهم كذا وكذا فسيقدمون بعض الأموال لصناديق النذور الموضوعة في المساجد المقامة على أضرحة الأولياء والصالحين، وهذه الأموال تجرد كل عام وتقسم على العاملين في هذه المساجد، كال

الإجابة

هذه النذور التي يتقرب بها الناس إلى أصحاب القبور والسدنة التي على القبور كلها باطلة، وكلها شرك بالله -عز وجل-، لأن النذر عبادة، فلا يجوز أن يصرف لغير الله -سبحانه وتعالى-، فلا يجوز أن ينذر لقبر البدوي، أو الحسين، أو فلان، أو فلان، أو فلان، لا دراهم ولا شمعاً ولا خبزاً ولا غير ذلك، كل ذلك منكر لا يجوز، كما أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم منكر، وهكذا الذبح لهم والتقرب إليهم بالذبائح منكر، فهكذا النذر قال الله -عز وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي والنسك العبادة يعم النذر وغيره: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163] وقال -عز وجل-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر: 1-2]، وقال سبحانه: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ[البقرة: 270] يعني فيجازيكم عليه، فالنذور قرب وطاعات، فإن كانت لله فلصاحبه ثوابها، مع أن الرسول نهى عن النذر قال: (إنه لا يأتي بخير)، فلا ينبغي النذر لكن لو فعل النذر طاعة لله وجب عليه أن يفعل الطاعة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) خرجه البخاري في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-، فإذا نذر طاعة لزمه الوفاء وأجره على الله -سبحانه وتعالى-، ولكن ينصح إلا يعود إلى ذلك، فإذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين هذه الليلة، أو لله علي أن أصوم يوم الاثنين أو يوم الخميس، أو لله علي أن أتصدق بكذا وكذا على الفقراء، أو لله علي أن أحج هذا العام أو عام كذا أو عام كذا، هذه كلها نذور عبادة وطاعة، فعليه أن يوفي بها، أما إذا نذر أن يتصدق بكذا وكذا للشيخ البدوي أو للسيد حسين، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو لفلان أو لفلان فهذه نذور باطلة، نذور شركية باطلة، وهذا المال الذي يجمع في الصناديق يجب أن يفرق على الفقراء، فلا يعطى إمام المسجد، ولا خدم المسجد، ولا السدنة؛ لأنهم أعانوا على الشرك، ودعوا إلى الشرك، فهم بدعائهم إلى الشرك ورضاهم بالشرك يكونوا مشركين بهذا العمل، فإن من دعا إلى الشرك ورضي بالشرك فهو مشرك، نسأل الله العافية. وهؤلاء السدنة الذين يدعون الناس إلى التقرب إلى هذه القبور معناه أنهم يضلونهم، ويدعونهم إلى الشرك بالله -عز وجل-، فلا يجوز أن تدفع إليهم هذه الأموال، بل يجب أن تؤخذ من الصناديق يأخذها ولي الأمر، وتدفع إلى الفقراء والمساكين الذين لا تعلق لهم بهذه القبور، وعلى ولي الأمر وعلى الدعاة إلى الله وعلى العلماء أن ينصحوا الناس، وأن يعلموهم أن هذه النذور باطلة، وأنه لا يجوز لهم أن يتقربوا إلى هذه الصناديق بشيء، وأن ترفع هذه الصناديق وتقفل، وأن يمنع السدنة من أعمالهم الخبيثة، وهكذا أئمة المساجد التي فيها القبور، يبين لهم أن هذا باطل، وعلى ولاة الأمور أن يزيلوا القبور من المساجد، وأن يجعلوها في مقابر المسلمين، وإذا كان المسجد مبني على القبر وجب هدم المسجد، وأن لا يصلى فيه، ويبقى القبر على حاله من دون مسجد، أما أن تبنى المساجد على القبور فهذا لا يجوز؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما صح عنه من حديث جندب عند مسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإن أنهاكم عن ذلك) فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن اتخاذ القبور مساجد، من جهات ثلاث أولاً: من جهة ذم الماضين على هذا الفعل، وتحذيراً لنا من عملهم السيئ، ولهذا قال: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فهذا كله تحذير لنا من فعلهم والتأسي بهم. الوجه الثاني: أنه قال: (فلا تتخذوا) هذا نهي صريح. الوجه الثالث: قال: (فإني أنهاكم عن ذلك) تأكيد لما تقدم، وهذه الوجوه الثلاثة كلها توجب تحريم اتخاذ المساجد على القبور، والصلاة عند القبور واتخاذها محل للقراءة أو محلاً للدعاء أو الاستجداء والسؤال وعلى ولاة الأمر من المسلمين أن يعقلوا هذا وأن يعلموا وأن يمنعوا من اتخاذ المساجد قبور ويمنعوا من إيجاد الصناديق عند أهل النذور ويرشدوا العامة إلى أن هذا لا يجوز، كما يجب عليهم أن يرشدوا العامة إلى أنه لا يجوز دعاء الميت ولا الاستغاثة بالميت ولا النذر له، ولا الطواف بقبره كل هذا منكر بل شرك بالله، الطواف بالقبور، التقرب إلى المقبور والدعاء للميت والاستغاثة بالميت... العارفين بما شرع الله في أمر القبور وأمر الشرك لأن كثيرة الناس قد ينتسب إلى العلم وهو ليس من العلماء بل يعلن الشرك ويدعوا إليه وهو بين أهله فمثل هذا لا يعد من العلماء ولا ينسب إلى العلم لجهله ووقوعه في الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنما العلماء هم العلماء بالله العارفون بشرعه الذين فهموا الكتاب والسنة وفهموا ما كان عليه سلف الأمة وعرفوا الشرك والتوحيد وهم المذكورون في قوله جل وعلا: شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم، وهم المذكورون في قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء، يعني العلماء بالله وبشرعه أهل البصائر وهم المذكورون في قوله عليه الصلاة والسلام العلماء ورثة الأنبياء. رزق الله الجميع التوفيق والهداية وأرشد الأئمة والعلماء والأمراء لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، ومنح الجميع الفقه في الدين والثبات عليه وهدى العامة لما فيه صلاحهم ونجاتهم وأعاذهم من كل ما يغضبه سبحانه ويوقعهم في الهلاك والعذاب في العاجل والآجل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.