أين يكون الجن عندما يصعد إلى السماء؟

السؤال: قال الله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، أين يكون الجن عندما يصعد إلى السماء؟ وما هو التفسير لهذه الآية؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

معنى قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن:33]:

قال الإمام الطبري:

{فَانْفُذُوا} اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا}، فقال بعضهم: إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتُعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا ذلك، فإنكم لا تجوزونه إلا بسلطان من ربكم، قالوا: وإنما هذا قول يقال لهم يوم القيامة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا} هاربين من الموت، فإن الموت مدرككم ولا ينفعكم هربكم منه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا.

وأما قوله: {إِلَّا بِسُلْطَانٍ} فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه إلا ببينة.
وقال آخرون: معناه: إلا بحجة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إلا بملك وليس لكم ملك.

حاصل الكلام مما سبق:

1 - اختلف أهل العلم في تفسير الآية: غير أن هذه الأقوال يحتملها معنى الآية ولا تناقض بينها، بل يمكن الجمع بين تلك الأقوال، وذلك لأن الآية قد تدل على أكثر من معنى يصح أن يفهم منها.

2 - فمن قال إن المعنى هو تحدٍّ للثقلين بأن يخرجوا من جوانب السماوات والأرض إن استطاعوا هرباً من الموت، وليسوا فاعلين لأن ذلك لا يكون إلا بحجة باهرة أو قوة قاهرة، وليس للعباد ذلك فالمعنى صحيح وتحتمله الآية.

3 - من قال: إن هذا القول: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا...} يقال لأهل النار لما يعذبوا فالمعنى يحتمله سياق الآية وليس بعيداً.

4 - ومن قال: المراد: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ} الآية، لو أردتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هرباً من الله لتعجزوه فلن تفعلوا إلا بملك وليس لكم ملك وقوة لتفعلوا ذلك فالمعنى صحيح ويحتمله السياق.

فأين يكون الجن عندما يصعدون إلى السماء، فالجواب:

1 - أما أين يكون الجن عندما يصعدون إلى السماء فليعلم أن الجن كان لها مقاعد للسمع تستمع فيها أمر الله تعالى من الملائكة في السماء، وكانوا يرجمون بالشهب فلما بعث الله تعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم زاد ذلك الرجم عليهم ولم يعد لهم في السماء مقاعد يستمعون منها، ولكن فقط يتلصصون على السماء يسترقون من الأخبار ما يتردد عند الملائكة ما شاء الله أن يسمعوا، ثم يهربون وقد يدركهم الشهاب قبل أن يتمكنوا من الهرب، ولكنهم لا يقعدون في السماء بل حالهم حال اللص الذي سريعاً ما يهرب.

2 - أما إن كان قصد السائل: كيف كان جلوسهم عندما كانوا يقعدون قبل البعثة المحمدية؟ فلا نعرف في هذا نقلاً نستند إليه ولا نعرف له مثيلاً نشبهه به، وقبل ذلك لم نره وما نقول فيه إلا كما قال الشعبي عندما سأله رجل عن اسم امرأة إبليس، فقال: ذلك عرس ما شهدته.

3 - وننصح السائل أن يوجه عنايته لتعلم ما يفيده وما له أثر عملي أو اعتقادي، والله أعلم.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ ناصر العمر على شبكة الإنترنت.