حكم من ترك الصلاة فترة ثم تاب

أنا شاب كنت أصلي كل الفرائض في وقتها، ثم ابتعدت عن ذلك فترة، ثم إني تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت عما كنت فيه من الشر، ولكني بعد هذه التوبة أشعر بالألم والأسى لذلكم الماضي الأسود، وجهوني -شيخ عبد العزيز، جزاكم الله خيراً- هل أقضي ما فاتني، أو بم توجهونني؟ شكر الله لكم.

الإجابة

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فعليك أن تحمد ربك، وتشكره كثيراً على ما منَّ به عليك من التوبة، واعلم -يا أخي- أن التوبة تجب ما قبلها، وتغفر ما قبلها إذا كانت التوبة تامة مستوفية لشروطها، يقول الله -جل وعلا- في كتابه الكريم: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(31) سورة النور]. فدل ذلك على أن من تاب التوبة الشرعية أفلح، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له). ويقول صلى الله عليه وسلم: (التوبة تهدم ما كان قبلها). فاحمد الله -جل وعلا-، واشكره سبحانه وأحسن به الظن فالذنوب الماضية تمحى وليس عليك قضاء، إنما عليك لزوم التوبة، والتوبة النصوح هي المشتملة على أمور ثلاثة: الندم على الماضي من السيئات، والإقلاع منها وتركها خوفاً من الله وتعظيماً له، والعزم الصادق أن لا تعود فيه. فإذا اشتملت التوبة على هذه الأمور الثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم الصادق أن لا تعود؛ محى الله عنك الذنب الماضي، وأفلحت، فاستقم واثبت على الحق. وهناك شرط رابع لصحة التوبة وسلامتها: إذا كان الحق لمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض فلابد من استحلالهم، أو إعطائهم حقوقهم، من تمام التوبة في حق الآدمي أن تعطيه حقه، المال أو الدم ، يعني القصاص، وهكذا العرض تقول: أبحني يا أخي، سامحني جرى مني كذا وجرى مني كذا، سامحني. فإذا سامحك في حقه، من مال أو دم أو عرض، صحت التوبة وبرئت من هذا الحق، وإن لم يسمح سقط ما كان لله، وبقي حق الآدمي بينك وبينه يوم القيامة. وإذا استقامت توبتك الله يقضي عنك يوم القيامة -سبحانه وتعالى-، لكن عليك أن تجتهد في الدنيا في إعطائه حقه، أو تحلل، فإذا عجزت وصدقت في التوبة أوفى الله عنك يوم القيامة. وهكذا العرض إذا كنت إذا أخبرته أن يكون الأمر أشد وأن يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فلا تخبره، ولكن استغفر له، واذكره بالخصال الحميدة التي تعرفها عنه بدلاً من الخصال الذميمة التي ذكرته بها، فهذه بهذه تذكر ما تعلم من أعماله الطيبة في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، وتدعو له، وتستغفر له، وهذا يقوم مقام استحلالك إذا خشيت من الاستحلال أمراً أخطر وأكثر، والله المستعان.