حيلة الإسقاط

عندنا في باكستان بعض أشياء قد كثر فيها الخلاف والشقاق، ومنها ما يسمى حيلة الإسقاط، تُفعل للميت قبل دفنه لإسقاط ما عليه من الواجبات، يُعطى مبلغ من المال فيدار في دائرة تتضمن عصبة من الفقراء، يأخذه هذا ويهبه لهذا ثم هذا إلى هذا، وهكذا إلى أن يتم العمل، ويستدلون لجواز هذه الحيلة أن الحيل مطلقها جائز صحيح أجازه الكتاب والسنة، ويمثلون لذلك بقصة أيوب- عليه السلام- في أمر الله- عز وجل- له بالضرب بالضغث تحلة له عن يمينه، وأمثال هذه القصة أشياء أخرى، يقولون: فبناءً على هذا فإن الحيلة إذا فُعلت لغرض صحيح من غير أن يحل بها حرام أو يحرم بها حلال فإنها تكون جائزة، وكما في نظائرها من الكتاب والسنة، والمرجو من سماحتكم الإفادة عن جميع نواحي هذه المسألة كتاباً, وسنة, ودراية، مبيناً شأن الاستدلال بالعموميات أو المطلقات على الموارد الخاصة الجزئية كما في هذه المسألة،

الإجابة

الحيل التي يتوصل بها إلى إسقاط الواجب, أو فعل محرم محرمة, لأن الوسائل لها حكم الغايات, وقد حرم الله-جل وعلا-كل ذريعة إلى محرم وكل ذريعة إلى إسقاط الواجب, فلا يجوز لمسلم أن يعمل حيلة تسقط عنه واجب الزكاة, أو واجب الصيام, أو واجب الحج, أو غير ذلك بل يجب عليه أن يأتي الأمور من أبوابها, وأن يؤدي ما أوجب الله عليه فيدع ماحرم الله عليه, وأن لا يتحيل في شيء من ذلك, وقد قال-علية الصلاة والسلام-في الحديث الصحيح:( لا تر تكبوا ما ارتكبت اليهود, فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل), وقد أحتال أهل السبت فيما حرم الله عليهم صيد يوم السبت من بني إسرائيل احتالوا فنصبوا الشباك يوم الجمعة, وأخذوا الصيود يوم الأحد وقالوا: ما صدنا يوم السبت! فلم يعذرهم الله في ذلك, فدل ذلك على أن الحيل التي تسقط الواجبات, أو تفضي إلى المحرمات محرمة, أما حيلة جعلها الله حلية وشرعها حلية فلا بأس بها كما جعل البيع سبباً لأخيك كما لأخذك مال أخيك برضاه, والانتفاع به من بالبيع الشرعي وهكذا هبة الشرعية, وهكذا المواريث, فالأسباب التي شرعها الله وجعلها حيلة لإيصال المرء إلى حاجته لا بأس بها فكل حيلة شرعها الله واباحها لعبادة فلا بأس, أما حيل يتوصل بها إلى إسقاط الواجب, و إلى المحرم من دون إذن من الشارع فهذا لايجوز لا في الزكاة ولا في غيرها والله المستعان.