حكم دعاء الأولياء مع الله

إذا المسلم وقع في محنة أو ضيق فدعا الله عز وجل، ومن ثم دعا أحد الصالحين مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره، أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا؟!! دار جدال بيننا حول هذا الموضوع وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بأذنه بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن الم

الإجابة

الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة أن يضرع إلى الله سبحانه، وأن يتوجه إليه جل وعلا ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله -عز وجل-: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ.. (النمل: من الآية62) فهو الذي يكشف المضطر وهو القائل -عز وجل-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة:186)، وهو القائل سبحانه: ..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. (60) سورة غافر. فالواجب على المؤمن في هذه الحال أن يضرع إلى الله وأن يلجأ إليه سبحانه وتعالى وأن يسأله تفريج كربته وتيسير أمره. أما الفزع إلى عبد القادر أو غيره من الناس فهذا هو الشرك الأكبر، هذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – أو إلى غيره من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وهو القائل: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) سورة يونس، فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر ويكشف السوء ويجود على عباده سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس من الفزع إلى الشيخ عبد القادر أو إلى غيره أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج وقد يقضيها له بعض الجن يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائماً. فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر وغيره، قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله سبحانه وتعالى صادفت وقت دعائه لعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك ويوقعك في الشرك مرة أخرى. فالمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته وأن لا يدعو معه أحدا سبحانه وتعالى لا نبياً ولا غيره، وهو يقول جل وعلا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) سورة الفاتحة، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء.. (5) سورة البينة، ويقول -عز وجل-: ..فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ.. (2-3) سورة الزمر، وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك أمر باطل ومنكر من الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة وألا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم بل لا يدعى إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن الأحياء لا بأس أن تدعو الحي القادر يساعدك في شيء من الزكاة أو من غيره لا بأس، تقول لأخيك الحاضر: يا أخي ساعدني على إصلاح سيارتي أو على عمارة بيتي أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك هذا لا بأس به، كما قال الله -عز وجل- في قصة موسى: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) (القصص: من الآية15) وكما هو معلوم بين المسلمين يتساعدون في أمور دنياهم وفي أمور دينهم والله سبحانه يقول: ..وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى.. (2) سورة المائدة، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف (التلفون) أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة لا بأس بهذا، هذا شيء معروف وجائز لأنه طلب من المخلوق ما يقدر عليه وهو حي حاضر يسمع كلامك، أو تكاتبه في ذلك بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو نحو ذلك. أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة أو الجن أو دعاء الأصنام والأحجار والأشجار هذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية والسلامة، وهذا دين المشركين الأولين دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، كانوا يعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم فكفرهم الله بهذا، وقاتلهم نبيه محمد عليه الصلاة والسلام حتى أسلم من أسلم منهم وحتى ظهر دين الله -عز وجل-. فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة أينما كان وأن يفزع إليه في جميع الشئون وجميع الحاجات وجميع الكربات دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، ولكن كما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي تستعين به في مزرعتك .... تستعين بهم في شئونك تستعين بأبيك بأخيك وهم أحياء يسمعون كلامك أو بالمكاتبة أو بالبرقية أو بالهاتف أو بالتلكس هذه أمور عادية غير داخلة في الشرك إذا صارت في أمور يقدر عليها المستعان به. فأما دعاء الأموات كالشيخ عبد القادر أو الشيخ البدوي أو الحسين أو علي - رضي الله عنه – أو الأنبياء أو غيرهم من الصالحين هذا لا يجوز هذا الشرك الأكبر، وهكذا دعاء الجن أو دعاء الملائكة أو دعاء الأصنام والأحجار والأشجار هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين أهل الشرك، هذا الدين الذي بعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه، عليهم الصلاة والسلام.