كثرة الحلف بالطلاق من أجل ترويج السلعة

لدى بعض دلَّالي الأغنام في السودان عادة سيئة، وهي: كثرة الحلف بالطلاق لترويج أغنامهم، وبعضهم متزوج، وقد يكون ما حُلف عليه بالطلاق مخالفاً للواقع، ما حكم هذا الحلف، وهل يقع الطلاق فعلاً، وهل هناك كفارة؟ وجهوهم شيخ عبد العزيز، جزاكم الله خيراً.

الإجابة

هذا عملٌ لا يجوز لا بطلاق ولا بغير الطلاق، ليس له أن يروج بضاعته بالأيمان، لا بالأيمان بالله ولا بالطلاق، كل ذلك لا يجوز؛ لأن هذا تغرير للناس وخداع للناس وربما كذب في ذلك، فإن من أكثر الأيمان يغلب عليه الكذب، ثم إنه يخدع الناس، قد يكون كاذباً في ذلك فيخدع الناس بأيمانه حتى يشتروا سلعته وإن كانت رديئة، أو يشتروها بأكثر من ثمنها لكثرة أيمانه، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زاني -يعني شائب زاني- وعائل مستكبر -يعني فقير مستكبر- ورجلٌ جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه)، فكثرة الحلف في البيع والشراء أمرٌ منكر وخطير، ومن أسباب غضب الله عز وجل، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يكثر الأيمان، فإن دعت الحاجة إلى اليمين فليكن صادقاً من غير إكثار، كأن اتهموه بأنه غاش في كذا أو غاش في كذا وهو ليس بغاش بل صادق وحلف لهم يميناً بالله أنه صادق فلا بأس بذلك عند الحاجة، أما إكثار الأيمان بالطلاق أو بالله فهذا لا يجوز، وهو من أسباب الكذب وهو من أسباب الخداع والغش، وإذا كان صادقاً في طلاقه لا يقع شيء، لكن ما ينبغي استعمال ذلك؛ لأنه وسيلة إلى وقوع الباطل، وسيلة إلى الطلاق الكاذب، وسيلة إلى طلاق أهله، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك وأن يعتاد الصدق مع قلة الأيمان والمحافظة عليها والله يقول سبحانه: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ)، والإكثار من الأيمان من أسباب الكذب، من أسباب الوقوع في الكذب، ومن أسباب غش الناس وخديعة الناس، فالواجب الحذر من ذلك، وإذا كان في يمينه صادقاً أو في طلاقه صادقاً فلا شيء عليه، لكن لا ينبغي له الإكثار من ذلك، بل يكون عند الحاجة مع القلة والعناية بعدم الكثرة حتى يسلم من الوعيد الشديد ومن غضب الله عز وجل، أما الكاذب فهذا فيه وعيد الكذب، نسأل الله العافية، وهو على خطر عظيم من الوعيد في كذبه في أيمانه وفي طلاقه، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف على يمين وهو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان!) نسأل الله العافية. فالواجب على المؤمن أن يحذر، وإذا كان كاذباً فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يقع الطلاق، نسأل الله العافية، والصواب أنه لا يقع الطلاق، لكنه لا يجوز له، إذا كان قصده من يمينه أن يصدق في ذلك وأن تقبل سلعته وأن يأمنه الناس في ذلك فهو في ذلك مجرم إذا كان كاذباً، ولكن ليس قصده إيقاع الطلاق، وإنما قصده أن يصدقه الناس وأن يقبلوا سلعته فهو على كل حال في هذا ظالم ومجرم ولا يجوز له فعله، وأما وقوع الطلاق فلا يقع لأن قصده تصديقه وليس قصده إيقاع الطلاق، فيكون كفارة يمين في أصح قولي العلماء، لكن لا يجوز له تعاطي ذلك، بل يجب عليه الحذر من ذلك؛ لئلا يوهم الناس ولئلا يخدع الناس؛ ولأن الكذب محرم مطلقاً.