صلة الأرحام المقاطعين

أنا من أسرة نشأت بينها وبين أسرة عمي خلاف قديم لا أعلم سببه، سوى أنهم يقولون بسبب الورث، وفشلت كل المحاولات للتوفيق والصلح بينهم، وحيث أن الظروف جمعت بيني وبين ابن عمي الأصغر في المدرسة وفي فصل واحد، كما أننا نسكن بشارع واحد أيضاً، فأصبحنا أصدقاء رغم الخلافات العائلية بين الأسرتين، ولكن سرعان ما تأثر ابن عمي بأسرته وتغير من ناحيتي خصوصاً بعد إتمام المرحلة التعليمية، لدرجة أنه يقابلني كأننا لم نعرف بعض ولا يكلمني، ورغم تدخل أصدقائنا للصلح بيننا فما يلبث أن يعود مرة ثانية للمقاطعة، وقد وسطت أهل الخير ولكن دون جدوى، وعندما يئست منه تركته، وحتى الآن لم أكلمه، أرجو أن تفيدوني أفادكم الله عن حكم الدين في هذا الخصام، حتى لا أكون ارتكبت ذنباً بمقاطعته؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

قد أحسنت فيما فعلت لأنك حاولت صلة الرحم، فقد أحسنت جزاك الله خيراً، ونوصيك بالمحاولة والحرص على صلة الرحم مع ابن عمك وبني عمك وعمك إن كان موجوداً، ولو كرهوا ذلك، فأنت تفعل ما تستطيع من السلام عليهم، وزيارتهم إذا مرضوا والدعاء لهم بالخير والهداية، ومواساة فقيرهم، وأنت على خير، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري في الصحيح، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سأله رجل قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، أحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، فأنت يا أخي على خير، احرص على الصدق والإحسان مهما استطعت، وإذا لم تنجح فالإثم عليهم، وأنت لك أجر، والإثم على من امتنع، وأنت لك أجرٌ في المحاولة، وتوسيط من ترى من الأخيار، والمشورة على أهلك عمك بترك الشحناء فالمال أمره سهل، والدنيا أمرها كلها سهل، فينبغي للمؤمن أن يتحرى ما يرضي الله ويقربه لديه، وأن يدع الشحناء والقطيعة، والمال الذي فات يخلفكم الله بخيرٍ منه، والله خير وأبقى، فهذا الذي ينبغي لك ولغيرك من المسلمين مع قرابتهم والله المستعان. جزاكم الله خيراً