التوفيق بين قوله تعالى: {بما كنتم تعملون}، وبين قول النبي ...

السؤال: التوفيق بين قوله تعالى: {بما كنتم تعملون}، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل أحد الجنة بعمله"

الإجابة

الإجابة: إن الباء تستعمل لأربعة عشر معنى في اللغة، ومن معانيها المقابلة وهي الجزاء، ومن معانيها السببية أي أن تكون بمعنى بسبب، فالآيات التي فيها دخول الجنة بالعمل المقصود بالباء هنالك السببية أي بسبب العمل: {جزاء بما كنتم تعملون} أي بسبب ما كنتم تعملون.

والحديث: الباء التي فيه هي باء المقابلة والجزاء، ومعنى ذلك لن يدخل أحد الجنة بعمله أي في مقابل عمله، لأن العمل نعمة من عند الله سبحانه وتعالى ولا يوفق له إلا من وفقه الله، ثم لا يتقبل إلا من المتقين، ومعه النعم الأخرى كنعمة الإيمان ونعمة الخلق ونعمة الرزق ونعمة الجوارح وغير ذلك من النعم، فلا يمكن أن يستحق أحد الجنة بعمله، بل لا يدخلها إلا إذا تغمده الله برحمته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته"، فالجنة إنما يدخلها الله من أرادها له من يسره الله لها وهم أهل الإيمان والتقوى الذين يوفقهم الله للطاعات ويتقبلها منهم، فأولئك خلقهم الله لجنته فقد خلق لها خلقاً كما خلق للنار خلقاً فقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس}، وقال تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} لذلك، أي لرحمته خلقهم، ومستقر رحمته هو الجنة.

فإذاً لا تعارض بين الآيات والحديث، فالحديث الباء التي فيه جزائية، والآيات الباء التي فيها سببية.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.