الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله والتصدِّي للمبتدعة والكافرين والمنافقين وغيرهم،
ودحض شبهاتهم من الواجبات الشرعية المحتمة، التي لا يقوم بها إلا ورثة
الأنبياء من العلماء والدعاة وطلبة العلم، وهي من أبواب الجهاد في
سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم
وألسنتكم" رواه(أحمد والنسائي وأبو داود) وصححه
الألباني.
وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ
عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}
[الأنبياء:18]، قال أبو محمد بن حزم في (الإحكام): "ولا غيظ أغيظ على
الكفار والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصَّادِعَةِ، وقد تهزم
العساكر الكبار، والحجة الصحيحة لا تُغْلَبُ أَبَداً؛ فهي أدعى لقبول
الحق، وأنصر للدين من السلاح الشاكي والأعداد الجمة. وأفاضل الصحابة
الذين لا نظير لهم إنما أسلموا بقيام البراهين على صحة نبوة محمد صلى
الله عليه وسلم عندهم، فكانوا أفضل ممن أسلم بالغلبة بلا خلاف من أحد
من المسلمين، وأول ما أمر الله عزَّ وجل نبيه محمداً صلى الله عليه
وسلم أن يدعو له الناس بالحجة البالغة بلا قتال فلما قامت الحجة
وعاندوا الحق، أطلق الله تعالى السيف حينئذٍ، وقال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ
شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام:149]، وقال تعالى:
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى
الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ
مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:18].
ولا شك في أن هذا إنما هو بالحجة؛ لأن السيف مرة لنا ومرة علينا وليس
كذلك البرهان بل هو لنا أبداً ودامغ لقول مخالفينا ومزهق له أبداً
ورُبَّ قوة باليد قد دمغت بالباطل حقاً كثيراً فأزهقته ... وقد قتل
أنبياء كثير وما غلبت حجتهم قط". اه.
ويجب أن يتصدى لذلك من له حصانة إيمانية قوية، وأهليَّة علميَّة
حقيقية حتى يَسلم من أن تَعلق به شبهاتهم، ويُمَكّنُ من الرد عليهم
بقوة، ومن كان على غير ذلك، فقد يضرُّ من حيث يُريد النفعَ.
فإن كنتِ ذات قدم راسخة في رد شبهات هؤلاء المبطلات فاستعيني بالله
واستمري في دعوتك؛ عسى الله أن يهديهن على يديكِ، وتنالين أجراً
عظيماً؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْر
النعم"؛ (متفق عليه).
أما إن كنتِ لا تقدرين على بيان عوار باطلهن، فيجب أن تشتغلي بما
تقدرين عليه -ونسأل الله أن يجعلنا وإياكِ من الهداة المهتدين
المصلحين- ويمكنك الاستعانة بهذا الموقع للرد على الشبهات.
وعليك -أيتها الأخت الكريمة- بالآتي:
- أن تتوخى في ذلك الحكمة والجدل بالحسنى عند الحاجة؛ عملاً بقوله
تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].
- الحرص على اللين ما استطعتِ إلى ذلك سبيلاً، عملاً بقوله تعالى
لموسى عندما أرسله لفرعون: {فَقُولَا
لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}
[طه:44]، وبقوله له: {اذْهَبْ إِلَى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن
تَزَكَّى} [النازعات:18]، وعليك بالرفق في دعوتك عملاً بقول
النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "عليك بالرفق" (رواه البخاري ومسلم)،
وبقوله لها: "يا عائشة أن الله رفيق يحب
الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" (رواه
مسلم).
- كما يشرع لكِ -إذا لزم الأمر- إغلاظ القول لهن إن كنتِ تستطيعين
ذلك، وتأمنين من حصول مفسدة أعظم؛ عملاً بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم:9].
وأما إن كانت مهمتك في منع المبتدعات، وحجبهن، وحذف موضوعاتهن فقط،
فهذا أيضًا باب ليس بالهيِّن، فلا تتركي هذا الموقع واصبري، فإن مفسدة
تركك له تتيح الفرصة لهؤلاء المفسدات، نسأل الله أن ينفع بك، ويرزقنا
وإياك الإخلاص في القول والعمل،، والله أعلم.
موقع الألوكة